لنا على وجوب الصلاة قائماً، طريقة الاحتياط، و على إسقاط القيام حيث قلناه أنّ ستر العورة واجب فإذا لم يمكن إلّا بالقعود وجب عليه ذلك [1] فان كان العراة جماعة صلّوا جلوسا، إمامهم في وسطهم لا يتقدّمهم إلّا بركبتيه.
و الخائف من العدوّ يصلّي على حسب استطاعته، و الخوف بانفراده موجب لقصر الصلاة، سواء كان الخائف حاضرا أو مسافرا [2] و به قال ابن عباس.
و من أصحابنا من يقول: لا يقصّر أعدادها إلّا في السفر، و إنّما يقصّر هيأتها، و به قال جميع الفقهاء و المذهب الأول أظهر هكذا ذكره الشيخ في مسائل الخلاف. [3]
فصل كيفيّة صلاة الخوف
أن يفرّق النّاس فرقتين يحرم الإمام بطائفة و الطائفة الأخرى تقف تجاه العدوّ فيصلّى بالذين معه ركعة ثم يثبت قائماً و يتمّون الركعة الثّانية لأنفسهم و ينصرفون إلى تجاه العدوّ و تجيء الطائفة الأخرى فيصلي بهم الإمام الركعة الثانية و هي أوّلة لهم ثم يثبت جالسا فتقوم هذه الطائفة فتصلّي الركعة الباقية عليهم و تجلس معه ثم يسلّم بهم [4] و به قال الشافعي هكذا في الوجيز في النّوع الثالث من صلاة الخوف: و هو أن يلتحم القتال و يحتمل الحال اشتغال بعضهم بالصلاة قال الغزالي [5]: هكذا صلّى رسول اللّه (ص) بذات الرقاع و قال في النوع الأوّل و هو أن لا يكون العدوّ في جهة القبلة فيصدع الامام أصحابه صدعين و يصلّي بأحدهما ركعتين و الطائفة الثانية تحرسه و يسلّم ثم يصلّي بالطائفة الأخرى [34/ ب] ركعتين أخريين هما له سنّة و لهم فريضة و ذلك جائز من غير خوف و لكنّه كذلك صلّى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) ببطن النّخل [6] و في النافع للحنفية إذا اشتدّ الخوف يجعل الامام الناس طائفتين طائفة إلى وجه العدوّ و طائفة خلفه فيصلّي بهذه الطائفة ركعة و سجدتين فإذا رفع رأسه من السجدة
[5] محمّد بن محمّد بن محمّد، أبو حامد، الغزالي، الفقيه الشافعي، اشتغل بطوس على أحمد الراذكاني، و إمام الحرمين، ولد سنة 450 و توفّى سنة 505 بالطابران طوس. وفيات الأعيان: 4/ 216 رقم 588.