يجب في متولّي القضاء أن يكون عالما بالحقّ في الحكم المردود إليه [1].
لا يجوز أن يتولّى القضاء إلّا من كان عالما بجميع ما ولي فيه، و لا يجوز أن يشذّ. منه شيء من ذلك، و لا يجوز أيضا أن يفتي إلّا بما هو عالم به، و لا يجوز أن يقلّد غيره فيحكم به أو يفتي.
و قال الشافعي: ينبغي أن يكون من أهل الاجتهاد، لا عاميا، و لا يجب أن يكون عالما بجميع ما وليه، و قال في القديم [2] مثل ما قلنا.
و قال أبو حنيفة: يجوز أن يكون جاهلا بجميع ما وليه إذا كان ثقة، و يستفتي الفقهاء و يحكم به. و وافقنا في المفتي أنّه لا يجوز أن يفتي إلّا بما هو عالم به [3]. لنا أنّ توليه المرء ما لا يعرفه قبيحة عقلا، و لا يجوز فعلها، و أيضا فالحاكم مخبر في الحكم عن اللّه تعالى، و نائب عن رسول اللّه و لا شبهة في قبح ذلك من دون العلم، و أيضا قوله تعالى:
وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ فَأُولٰئِكَ هُمُ الْكٰافِرُونَ[4]. و من حكم بالتقليد لم يقطع على الحكم بما أنزل اللّه.
و يحتجّ على المخالف بما رووه في خبر تقسيم القضاة: القضاء ثلاثة: واحد في الجنّة و اثنان في النّار، فالذي في الجنّة رجل عرف الحق فاجتهد فعدل، و رجل عرف الحق فحكم فجار فذاك في النّار، و رجل قضى بين النّاس على جهل فذاك في النّار [5]، و من قضى بالفتيا فقد