تفتقر صحة الهبة إلى الإيجاب و القبول، و هي على ضربين: أحدهما: لا يجوز له الرجوع فيه على حال، و الثاني يجوز.
فالأوّل أن تكون الهبة مستهلكة، أو قد تعوّض عنها، أو تكون لذي رحم، و يقبضها هو أو وليّه سواء قصد بها وجه اللّه أم لا، أو [لم] تقبض و قد قصد بها وجه اللّه، و يكون الموهوب له ممّن يصح التقرّب إلى اللّه تعالى بصلته.
و الهبة لا تلزم إلّا بالقبض، و قبل القبض للواهب الرجوع فيها، و كذلك الرهن و العارية و الدين الحالّ إذا أجّله لا يتأجل، و له المطالبة به في الحال، و به قال الشافعي.
و قال مالك: يلزم ذلك كلّه بنفس العقد، و لا يفتقر إلى القبض، و يتأجل الحق يلزم الأجل.
و أمّا أبو حنيفة فقد وافقنا إلّا أنّه قال: الأجل في الثمن يلزم و يلحق بالعقد.
يدل على مذهبنا مضافا إلى إجماع الإمامية و أخبارهم ما روي موسى بن عقبة [2] عن أمّه أمّ كلثوم [3] أن النبيّ (عليه السلام) قال لأمّ سلمة: و إني أهديت إلى النجاشي أواقي من مسك و حلّة [136/ أ] و إنّي لأراه يموت قبل أن تصل إليه و لا أرى الهديّة إلّا ستردّ عليّ، فان ردّت إلى