عن النبي (صلّى اللّه عليه و آله) أنّه قال: من بنى في رباع قوم بإذنهم فله قيمته، و لأنّا أجمعنا على أنّ له قلعه [125/ ب] مع ضمان النقصان، و لا دليل على جواز ذلك مع عدمه [1].
و أما إن أذن إلى مدّة معلومة، ثم رجع قبل مضيّها، و طالب بالقلع، فإن ذلك لا يلزمه إلّا بعد أن يضمن الأرش بلا خلاف.
و إذا أعار شيئا بشرط الضمان، فردّه المستعير إليه أو إلى وكيله، بريء من ضمانه، و لا يبرأ إذا ردّه إلى ملكه، مثل أن يكون دابّة فيشدها في إصطبل صاحبها [2]، و به قال الشافعي. و قال أبو حنيفة: يبرأ لأنّ العادة هكذا جرت في ردّ العواري إلى الأملاك، فيكون بمنزلة المأذون من طريق العادة [3].
لنا أنّ الأصل شغل ذمّته هاهنا، و من ادّعى أنّ ذلك يبرئ ذمّته فعليه الدليل [4].
إذا تعدّى المودع في إخراج الوديعة من حرزه فانتفع به، ثم رده[ا] إلى موضع[ها]، فان الضمان لا يزول بالتعدي [5] و وجب عليه الضمان بلا خلاف، و لا دليل على أن الضمان يزول عنه بالردّ إلى موضعه و هو مذهب الشافعي.
و قال أبو حنيفة: يزول عنه لأنّه مأمور بالحفظ في جميع هذه الأوقات و إذا خالف في جهة منها ثم رجع و عاد إلى الحفظ، كان متمسكا به على الوجه المأمور به، فينبغي أن يزول الضمان عنه [6].
فصل في الغصب
من غصب شيئا له مثل- و هو ما تساوت قيمة أجزائه كالحبوب و الأدهان و التمور و ما أشبه ذلك- وجب عليه ردّه بعينه، فإن تلف فعليه مثله، بدليل قوله تعالى فَمَنِ اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ[7] و لأنّ المثل يعرف مشاهدة، و القيمة يرجع فيها إلى الاجتهاد، و المعلوم مقدّم على المجتهد فيه، و لأنّه إذا أخذ بمثله أخذ وفق حقه، و إذا أخذ القيمة ربّما زاد ذلك أو نقص.