المضاربة و القراض عبارة عن معنى واحد، و هو أن يدفع الإنسان إلى غيره مالا ليتّجر به، على أنّ ما رزقه اللّه من ربح، كان بينهما على ما يشترطانه.
و من شرط صحّته، أن يكون رأس المال فيه دراهم أو دنانير معلومة مسلّمة إلى العامل [1] وفاقا لأبي حنيفة و الشافعي و مالك و خلاف للأوزاعي و ابن أبي ليلي، فإنّهما قالا:
يجوز بكلّ شيء يتمول، فإن كان ممّا لا مثل له كالثياب و الحيوان كان رأس المال قيمته.
لنا إن ما اخترناه مجمع على جوازه، و ليس على جواز ما قالا دليل [2].
و لا يجوز القراض بالفلوس وفاقا لأبي حنيفة و أبي يوسف، و الشافعي. و قال محمّد: هو القياس، إلّا أنّي أجيزه استحسانا، لأنّه ثمن الأشياء في بعض البلاد [3].
و لا بالورق المغشوش، سواء كان الغش أقلّ أو أكثر أو سواء وفاقا للشافعي، و قال أبو حنيفة: يجوز إن كان سواء و كان الغش أقل و لا يجوز إن كان أكثر [4].
لنا أنّه لا خلاف في جواز القراض مع حصول ما ذكرناه، و ليس على صحّته إذا لم يحصل دليل [5].
و تصرّف المضارب موقوف على إذن صاحب المال؛ إن أذن له في السفر به، أو البيع نسيئة، جاز له ذلك، و لا ضمان عليه لما يهلك أو يحصل من خسران، و إن لم يأذن، لم يجز له [6]