مسألة لما خفي الفرق على كثير بين الحق والحكم، والتبس الامر بينهما، مع ابتناء كثير من الفروع الفقهية عليهما، والفرق في الحقوق بين ما يقبل النقل والاسقاط، وبين ما لا يقبلهما أو يقبل أحدهما دون الآخر. أحببت أن أشير إلى الفرق بينهما بحسب المفهوم والحقيقة، وتحصيل ما هو الميزان الفارق بينهما والثمرات المترتبة عليهما، وميزان الفرق في الحقوق بين ما يسقط بالاسقاط وما لا يسقط به، وما تصح المعاملة عليه - مجانا - أو بعوض، وما لا تصح بهما أو بأحدهما، ومعرفة مصاديق الحكم أو الحق مما وقع الخلاف فيه، ومصاديق الحقوق القابلة للاسقاط والنقل وغير القابلة لهما أو لاحدهما، وحكم صورة الشك في كل من الامرين بحسب ما تقتضيه الاصول والقواعد. فنقول - وبالله المستعان -: اما الحكم: فهو جعل بالتكليف أو بالوضع، متعلق بفعل الانسان من حيث المنع عنه والرخصة فيه، أو ترتب الاثر عليه. فجعل الرخصة - مثلا - حكم، والشخص مورده ومحله، وفعله موضوعه. وهو لا يسقط بالاسقاط، ولا ينقل بالنواقل - بالبديهة - لان أمر الحكم بيد الحاكم لا بيد المحكوم عليه. نعم، لو كان معلقا على موضوع، وكان داخلا فيه، كان له الخروج عنه، فيسقط به - حينئذ - لا بالاسقاط. وأما الحق فهو يطلق - مرة - في مقابل الملك، وأخرى - ما يرادفه. وهو - بمعنييه -: سلطنة مجعولة للانسان من حيث هو على غيره ولو بالاعتبار: من مال أو شخص أو هما معا، كالعين المستأجرة، فان للمستأجر سلطنة على المؤجر في ماله الخاص.