الاتحاد في غير مقام تعلق الأحكام بالطبائع لا ينافي التغاير في مقام تعلقها بها أصلا (و فيه) انه ان أريد من تعلق التكليف بطبيعة ما بلحاظ عدم تحصلها في الخارج تعلق التكليف بالماهية الملحوظ فيها عدم التحصل التي لا موطن لها الا الذهن و يستحيل اتحادها مع الموجود الخارجي فيرد عليه ان الماهية المقيدة بما لا موطن له الا الذهن يستحيل تعلق التكليف بها خارجا و ان أريد بذلك ان متعلق الأمر هي الماهية التي لم يلحظ فيها التحصل كما ان متعلق النهي أيضا كذلك غاية الأمر ان تعلق الأمر بها يقتضى طلب تحصلها و تعلق النهي بها يقتضى طلب عدم تحصلها فالفرق بينهما انما هو من ناحية الهيئة و إلّا فالمتعلق فيهما واحد فهو و ان كان صحيحاً في نفسه إلّا انه أجنبي عن المقام فان القول بالجواز لا يبتنى على ذلك بل على ان الطبيعتين اللتين إحداهما متعلقة للأمر و الأخرى متعلقة للنهي هل هما متحصلتان في الخارج بتحصل واحد و التركيب بينهما اتحادي ليمتنع الاجتماع أو هما متحصلتان بتحصلين و التركيب انضمامي ليجوز الاجتماع.
و استدل المانعون بوجوه
عديدة لا يهمنا التعرض الا لوجه واحد هو أحسنها و أمتنها و هو الّذي استدل به المحقق الخراسانيّ (قده) على الامتناع و جعله مركبا من أربع مقدمات (الأولى) في بيان تضاد الأحكام بأسرها (الثانية) في بيان ان متعلقات الأحكام ليست هي المفاهيم بأنفسها بل بما هي فانية في معنوناتها (الثالثة) في بيان ان الموجود الواحد يمكن ان تنطبق عليه مفاهيم متعددة متغايرة (الرابعة) في بيان ان الموجود الواحد لا يمكن ان يكون له الا ماهية واحدة ثم رتب على جميع ذلك ان المجمع بما انه واحد وجودا و ماهية يستحيل اجتماع الأمر و النهي فيه و لا يكون تعدد العنوان و الوجه موجبا لتعدده و هذا الاستدلال و ان كانت صحة أكثر مقدماته بديهية إلّا ان المقدمة الثالثة منها غير صحيحة و ذلك لما ذكرناه سابقا من انه يستحيل انتزاع مفهومين بينهما عموم من وجه من موجود واحد بجهة واحدة بل لا بد من ان يكون ذلك بجهتين (1)
(1) قد ظهر مما ذكرناه ان امتناع صدق العامين من وجه على شيء واحد من جهة واحدة و لزوم كونه من جهتين لا ينافي كون المصداق الخارجي واحداً وجوداً و ذلك لما تبين من ان نسبة العموم من وجه لا تتحقق الا بين عنوانين عرضيين أو بين عنوان ذاتي و عرضي و من الضروري انه يمكن صدق عنوانين عرضيين على شيء واحد كما يمكن صدق العنوان العرضي على ما يصدق عليه العنوان الذاتي فمجرد تعدد العنوان لا يجدى-