وإذا أضرم إنسان نارا ، والقى فيها إنسانا ، ولم يمكنه الخروج منها حتى مات ، كان عليه القود. فان كان يمكنه الخروج والتخلص منها ، فلم يخرج ولا خلص نفسه منها حتى مات ، لم يجب على الملقى له فيها قود ، لأنه أعان على نفسه.
فإن ألقاه في لجة ، فالتقمه حوت قبل وصوله الى الماء ، كان عليه القود ، لأنه أهلكه بنفس الإلقاء ، لأنه لو لم يأخذه الحوت ، كان هلاكه فيه ، فكان الحوت أهلكه ( ابتلعه خ ل ) بعد ان حصل ما فيه هلاكه. وقول من يقول : انه ما أهلك بالإلقاء ، وانما هلك بشيء آخر ، وهو التقام الحوت قبل هلاكه له : غير صحيح ، لأنه لو كان ذلك صحيحا ، لكان إذا وصل الى ماء ، ثم التقمه الحوت قبل هلاكه ، ان يكون ما هلك بالإلقاء وانما هلك بالتقام الحوت له صحيحا ، ولا يحكم عليه بقود ، فقد علم خلاف ذلك [٢].
وإذا جنى إنسان على غيره جناية جعله بها في حكم المذبوح ، مثل ان قطع حلقومه ومرية [٣] أو ابان خيشومه وامعاه ، وجاء أخر فقده بنصفين أو ذبحه ، كان الأول هو القاتل ، وعليه القود. والثاني غير قاتل ، وعليه التعزير ، لأن الأول جعله في حكم المذبوح ، لأن الحياة التي فيه غير مستقرة. والثاني يلزمه دية ميت. [٤]
وإذا قطع الصبي يد بالغ ، وبلغ الصبي ، وسرى القطع الى نفس البالغ لم يكن على الصبي قود. وكذلك الحكم إذا قطع مسلم يد نصراني له ذمة ، ثم
[١]إذا لم يمكنه الخروج لما مر في الإلقاء في النار. [٢]في هذا الفرع من قوله : فإن ألقاه في لجة بحر في نسخة الأصل إسقاط لما لا يلتئم بدونه الكلام وما اثبت هنا مأخوذ مما في هامش نسخة ( ب ) تصحيحا. [٣]بفتح الميم وتشديد الياء كأمير مجرى الطعام والشراب. [٤]وهي مأة دينار في الذبح ولعله في العقد كذلك وظاهر المتن ان هذا لا يسقط التعزير.