من ذلك نفسي الفرق بين الشطرنج وغيره سيما مع قوله : " وكل ما قومر عليه فهو ميسر " . نعم أنه يستفاد من ذيل صحيحة معمر أن التصرف فيما قومر عليه أيضا كبيرة لاطلاق التنزيل والهوهوية ، ويمكن الاستدلال عليه بموثقة السكوني [1] عن أبي عبد الله قال : كان ينهى عن الجوز يجئ به الصبيان من القمار أن يؤكل " و " قال : هو سحت " بضميمة روايتي الفضل بن شاذان وأعمش ، وقد عد السحت فيهما من الكبائر فينقح موضوعهما بالموثقة لكنهما ضعيفتان . المسألة الخامسة في الكذب وقد اختلفوا في ماهية الصدق والكذب والمشهور أن الأول مطابقة الخبر للواقع والثاني مخالفته له . وقد يقال : إن الأول مطابقة الحكم للواقع والثاني مخالفته له ، وأن رجوع الصدق والكذب إلى الحكم أولا وبالذات وإلى الخبر ثانيا وبالواسطة قال به التفتازاني ، وهذا بوجه نظير قول من قال : إن الألفاظ موضوعة للمعاني المرادة إن كان مراد التفتازاني بالحكم الادراك الذهني والحكم النفسي وسيجئ الاحتمالات في كلامه . أقول : لا شبهة في أن الكلام بنفسه مع قطع النظر عن صدوره من متكلم مريد دال على المعنى ، فلو نقشت بواسطة الحوادث الكونية : كلمة " السماء فوقنا " و " السماء تحتنا " فلا يمكن أن يقال : إنا لا نفهم منهما شيئا أصلا ، أو هما لا يحكيان عن مدلولهما ، أو يقال : إن المدلول منهما شئ واحد ، أو أن مدلولهما ليس موافقا ولا مخالفا للواقع ، فعليه تكون الجملة الأولى صادقة والثانية كاذبة .
[1] الوسائل : - كتاب التجارة - الباب 35 - من أبواب ما يكتسب به - موثقة بالسكوني .