الحيوانات المحللة اللحم ، للزرع والطبخ والحمامات وسائر احتياجات الناس ، وبقاء عنوان واحد هو عذرة الانسان للزرع فقط ، ولا فرق في الاستهجان بين التخصيص الكثير والتقييد كذلك . ووضوح حكم عذرة ما يؤكل لحمه بالاجماع والسيرة في عصرنا ، لا يلازم وضوحه في تلك الأزمنة ، ضرورة أن الأحكام الواضحة في الأعصار المتأخرة كانت غالبا نظرية ، بل مجهولة سابقا وفي أوائل الاسلام ونشر الأحكام حتى عصر الأئمة ( ع ) ، ولهذا خالف فيها المسلمون . فدعوى انصرافها إلى عذرة الانسان ، لوضوح حكم خر ، ما يؤكل لحمه : غير وجيهة . ولو منع الاستهجان ، ولو بدعوى عدم محذور لاطلاق الحكم بالنسبة إلى سائر أنواع غير المأكول لغرض المنع عن الموارد النادرة أو احتمال شيوع الاستفادة في الأزمنة اللاحقة . يمكن الجمع بين الروايات ، بتقييد روايات المنع بالاجماع والسيرة فيما يؤكل لحمه ، فتنقلب النسبة بين الطائفتين المتباينتين إلى الأعم والأخص المطلق ، فيقيد الأعم بالأخص فصارت النتيجة عدم الجواز في عذرة غير المأكول . وعلى الثاني : أي كونها مختصة بفضلات الانسان ( كما نقل عن بعض أهل اللغة ) يقع التعارض بينها لو كانت حجة في نفسها ، لكن ليس فيها ما يعتمد عليه ، عدا موثقة سماعة . فحينئذ إن أحرزنا أن ذيلها رواية منفصلة جمعهما سماعة في النقل ، ( كما يقال في مضمراته ) أو قلنا بجريان عمل التعارض واعمال العلاج في رواية واحدة مشتملة على حكمين متعارضين ( كما هو الأقوى ) : لا بد من اعمال قواعد التعارض فيها : من الأخذ بما هو الموافق للكتاب أو لا ، ومع فقده الأخذ بما يخالف العامة . و هذان الترجيحان للمجوز على ما حكى من كون المنع مذهب أكثر العامة . لكن الرجوع إلى المرجح إنما هو بعد عدم احراز الشهرة الفتوائية على أحد الطرفين ( كما قرر في محله من أنها لتميز الحجة عن غيرها ) بل ولو قلنا بأنها من المرجحات أيضا يقدم الترجيح بها على سايرها . فلا بد من عطف النظر إلى الاجماعات المنقولة و كلمات القوم .