هذه الكلمات على الوجه الصحيح ، فاللاّزم الاتيان بمثل ذلك ولا دليل على الاجتزاء بغيره ، فحال التلبيات حال القراءة والأذكار في الصّلاة[1] .
ولو لم يتمكّن من الأداء على الوجه الصحيح فقد ذكر في المتن أن الأحوط الجمع بين الاتيان بالملحون والاستنابة .
وقيل في وجهه: إن مقتضى قاعدة الميسور الاجتزاء بالملحون، ومقتضى خبر زرارة "إنّ رجلاً قدم حاجّاً لا يحسن أن يلبِّي فاستفتي له أبو عبدالله (عليه السلام) فأمر له أن يلبّى عنه"[2] لزوم الاستنابة، والجمع بين الدليلين يقتضي الجمع بين الاتيان بالملحون والاستنابة .
وفيه : إن كان خبر زرارة صحيح السند فلا حاجة إلى القاعدة بل يتعيّن الاستنابة وإن كان ضعيفاً فلا موجب للاستنابة ، وأمّا قاعدة الميسور فغير تامّة أصلاً ولا يمكن إثبات حكم من الأحكام الشرعيّة بها ، وقد ذكرنا ذلك في موارد كثيرة ، وأمّا خبر زرارة فضعيف السند بياسين الضرير فإنه لم يوثق .
والصحيح أن يستدل للاجتزاء بالملحون إذا لم يتمكن من الصحيح بمعتبرة مسعدة ابن صدقة ، قال : "سمعت جعفر بن محمّد (عليه السلام) يقول : إنّك قد ترى من المحرم من العجم لا يراد منه ما يراد من العالم الفصيح ، وكذلك الأخرس في القراءة في الصّلاة والتشهد وما أشبه ذلك فهذا بمنزلة العجم والمحرم لا يراد منه ما يراد من العاقل المتكلِّم الفصيح ... "[3] ، فإن المستفاد منها عدم الاكتفاء بالترجمة بالعجز عن الصحيح ، وأنه يجب على كل مكلّف أن يأتي بالقراءة أو التلبية بالعربيّة ولا تصل النوبة إلى الترجمة مع التمكّن من العربيّة ، فيجب عليه الاتيان بالعربيّة حدّ الامكان ولو بالملحون ، لأنّ ما يراد من العربي العارف باللّغة لا يراد من الأعجمي الذي لا يتمكّن من أداء الكلمات
ــــــــــــــــــــــــــــ
[1] لقد تعرّض سيّدنا الاُستاذ (دام ظلّه) لهذا الموضوع في بحث القراءة في باب الصّلاة . ذيل المسألة [ 1529 ] .