الميقات نفس المسجد ، وذلك لأنّ المسجد اُخذ مبدأ لا ظرفاً كما عرفت .
ويدل عليه أيضاً صحيح يونس بن يعقوب ، قال : "سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الحائض تريد الإحرام ، قال : تغتسل ـ أي غسل الإحرام ـ وتستثفر وتحتشي بالكرسف وتلبس ثوباً دون ثياب إحرامها وتستقبل القبلة ، ولا تدخل المسجد وتهل بالحج بغير الصلاة"[1] .
والرواية مسندة معتبرة لا مرسلة ، ودلالتها على أن إحرامها من خارج المسجد واضحة ، وهي بإطلاقها ـ لترك الاستفصال فيها ـ تشمل إحرام العمرة من مسجد الشجرة أيضاً ، وذكر الاهلال بالحج في الرواية لا يوجب اختصاصها بإحرام الحج من المسجد الحرام ، لأنّ حج التمتّع اسم لمجموع العمرة والحج ويصح إطلاق الحج على عمرة التمتّع ، فلا قصور في شمول الرواية لإحرام العمرة من مسجد الشجرة ، بل شمولها لإحرام العمرة من مسجد الشجرة أولى ، إذ يبعد جدّاً خلو القوافل المتوجهة من الشجرة إلى مكّة من الحائض بل يكثر الابتلاء بذلك ، ومعه لا يصح السكوت عن بيان حكمها .
وقد يستفاد وجوب الإحرام من خارج المسجد على الحائض والنفساء وعدم جواز تأخير الإحرام لهما إلى الجحفة من قضية أسماء بنت عميس لمّا نفست بمحمّد بن أبي بكر في البيداء ، وهو خارج مسجد الشجرة ، فأمرها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بأن تحرم وتلبِّي مع النبيّ (صلّى الله عليه وآله) وأصحابه، كما في صحيحة معاوية ابن عمّار وصحيحة زرارة [2] ، فتكون حالها كالنبيّ (صلّى الله عليه وآله) وأصحابه من حيث الإحرام من هذا المكان وعدم تأخيره إلى الجحفة أو إلى ميقات آخر .
وأمّا إذا قيل بلزوم الاحرام من نفس المسجد فقد ذكر في المتن أنه مع عدم إمكان صبرها إلى أن تطهر تدخل المسجد وتحرم في حال الاجتياز .
ــــــــــــــــــــــــــــ