لكن بالمعنى الّذي عرفت ، أعني البناء على الأقل والإتيـان بالامتثال الجزمي أو البناء على الأكثر والاقتصار على الامتثال الاحتمالي .
لكن التخيير بهذا المعنى غير التخيير المنسوب إلى المشهور من البنـاء على كلّ مـنهما على أ نّه الوظيفـة الفعـلية الشرعية وبقصد الأمر الجزمي على التقديرين .
فلا بدّ إذن من النـظر إلى الأخـبار التي اسـتدلّ بها على التخـيير بالمعـنى المشهور .
فمنها: قوله (عليه السلام) فيما رواه إبراهيم بن هاشم في نوادره: "ولا سهو في نافلة ... " إلخ[1] بدعوى دلالته على أنّ السهو الّذي هو بمعنى الشك ملغى في النافلة وغير ملتفت إليه ، فوجوده كالعدم ، فيبني على وقوع المشكوك فيه إلاّ إذا كان مفسداً فيبني على عدمه .
وفيه : مضافاً إلى ضعف السند بكلا طريقيه من جهة الإرسال كما تقدّم [2] أ نّها قاصرة الدلالـة ، فانّ هذه الفقرة من الرواية مع قطع النظر عن القرينـة الخارجية من الإجماع ونحوه القائم على ثبوت التخيير في النافلة مجملة لم يعلم المراد منها ، فانّ المعني به في سائر الفقرات اُمور مختلفة حسب اختلاف الموارد .
ففي الفقرة الاُولى أعني قوله (عليه السلام) : "ليس على الإمام سهو" وقوله : "ليس على مَن خلف الإمـام سهو" يراد منها نفي أحـكام الشـك الأعم من الصحيحة والباطلة ، ورجوع كلّ من الإمام والمأموم إلى الآخر للمتابعة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
[1] الوسائل 8 : 241 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 24 ح 8 .
[2] في ص 31 ، وقد أسند الرواية في مصباح الفقيه (الصلاة) : 587 السطر 21 إلى حسنة ابن البختري ، ولعلّه سهو من قلمه الشريف