فعدم المتابعة يوجب الإخلال بالقراءة عامداً ، فتبطل صلاته بذلك .
ويندفع : بعدم إمكان التدارك ، فانّ القراءة وإن كانت واجبة لكنّها لا تجب مطلقاً ، بل في ظرفها ومحلّها المقرّر لها شرعاً ، وهو قبل الركوع . ومن هنا ذكرنا سابقاً[1] أنّه لو نسي القراءة في الأولتين لا تتعيّن عليه في الأخيرتين تمسّكاً بقوله (عليه السلام) : "لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب"[2] ، بل التخيير بينها وبين التسبيح الثابت في الأخيرتين باق على حاله .
فانّ الحديث لا يدلّ على وجوب الفاتحة في أىّ مورد كان ، بل في موطنها الخاص ، فهو كقولنا : لا صلاة إلاّ بالتشهّد ، لا يدلّ إلاّ على الوجوب في المحلّ المعهود الذي عيّنه الشارع وقرّره .
وبما أنّ الركوع قد تحقّق في المقام ولو سهواً فقد فات محلّ القراءة ، ولا يمكن التدارك بعدئذ حتّى بالعود والإتيان بالركوع الثاني متابعة ، فانّ هذا الركوع وإن كان جزءاً من الصلاة كالركوع الأصلي ـ كما سبق[3] ـ لكن المحلّ الشرعي المقرّر للقراءة الصلاتية إنّما هو ما قبل الركوع على نحو صرف الوجود المنطبق على أوّل الوجودات .
وبعبارة اُخرى : الركوع متابعة وإن كان جزءاً لكنّه جزء من صلاة الجماعة التي هي عدل للواجب التخييري في حالة خاصّة ، والركوع الأصلي جزء من طبيعي الصلاة الجامع بينها وبين الفرادى على ما بيناه سابقاً ، والمحلّ الشرعي للقراءة هو ما قبل الركوع الذي هو جزء من طبيعي الصلاة المنطبق على الوجود الأوّل ، وقد فات هذا المحلّ بالإتيان بذات الركوع المحكوم بالصحّة في نفسه حسب الفرض ، فلا يمكن التدارك ، لامتناع إعادة المعدوم ، فلو عاد وأتى بالقراءة فليست هي من القراءة الصلاتية لتكون تداركاً لما فات .
ــــــــــــــــــــــــــــ