وأمّا السفيه فهل هو كذلك [1] ـ أي تصحّ إجارة نفسه للاكتساب مع كونه محجوراً عن إجارة داره مثلاً ـ أو لا ؟ وجهان ( ([1]) : من كونه من التصرّف المالي وهو محجور ، ومن أ نّه ليس تصرّفاً في ماله الموجود ، بل هو تحصيل للمال، ولا تعدّ منافعه من أمواله خصوصاً إذا لم يكن كسوباً ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وثانياً : أ نّها أجنبيّة عن التفليس الذي هو محلّ الكلام ، إذ لم يذكر فيها الحكم بالحجر ، بل قد فرض أ نّه لا مال له ، فلتحمل ـ بعد وضوح وجوب إنظار المعسر ـ على مدين يتمكّن من الاكتساب بإجارة نفسه وهو مناسب لشأنه ويطالبه الدائن ، فإنّه يجب عليه وقتئذ إجارة نفسه تمهيداً لأداء دينه ، ولو امتنع أجبره الحاكم ، فالحكم مطابق للقاعدة . وأين هذا من المفلس الذي حكم على أمواله بالحجر ، وأ نّه يمنع من التصرّف في الأعمال كما هو ممنوع عن الأموال ؟! فإنّ الرواية أجنبيّة عن ذلك بالكلّيّة .
إذن فما ذكره الماتن وغيره من الفقهاء من اختصاص حجر المفلس بالأموال وعدم السراية إلى الأعمال هو الصحيح ، فلو آجر نفسه صحّت إجارته وإن كان في استقلاله في التصرّف في الاُجرة أو كونه منوطاً بإجازة الغرماء بحثٌ موكول إلى محلّه ، لخروجه عمّا نحن بصدده حسبما عرفت . [1] لا خلاف كما لا إشكال في محجوريّة السفيه بالنسبة إلى تصرّفاته الماليّة كما يقتضيه قوله تعالى : (فَإِنْ آنَسْتُم مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيهِم أَموَالَهُمْ) [2] ، وكذا جملة من الروايات .
ــــــــــــــــــــــــــــ [1] لا يبعد أن يكون الوجه الأوّل هو الأوجه .