ومن أفطر فيه لا مستحلاًّ عالماً عامداً [1]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد تقدّم في كتاب الطهارة [1] عند البحث عن الكفر والإسلام : أنّ إنكار الضروريّ بمجرّده ومن حيث هو لا يستوجب الكفر ، وإنّما يستوجبه من حيث رجوعه إلى تكذيب النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ، المؤدّي إلى إنكار الرسالة ، وهو يختصّ بما إذا كان المنكر عالماً بالحكم وبضروريّته ، فلا يحكم بكفر الجاهل بأحدهما ، لكونه جديد العهد بالإسلام ، أو نحوه ممّن ليس له مزيد اطّلاع بالأحكام . وعليه، فيعتبر في الحكم بالارتداد صدور الإنكار ممّن يعلم بضروريّة الحكم ، وحينئذ فإن كان فطرياً يُقتَل ، وإن كان ملّياً يُستتاب ، فإن تاب وإلاّ يُقتَل إن كان رجـلا ، أمّا المرأة فلا تُقتَل أصلا ، بل تُحبَـس ويُضـيَّق عليها في المأكل والمشرب وتعزَّر عند أوقات الصلاة إلى أن يقضي الله عليها . [1] هذا في قبال المنكر المستحلّ المتقدّم بيان حكمه آنفاً .
ثمّ إنّ المفطر غير المستحلّ تارةً : يكون معذوراً كالمريض والمسافر ، واُخرى غير معذور كالفسّاق ، وثالثةً مشتبه الحال .
أمّا الأوّل : فلا إشكال فيه .
وأمّا الأخير ـ الذي هو مردّد بين المعذور وغيره ـ : فلا يجري عليه شيء ، لما هو المعلوم من الشرع من أ نّه لا يقام الحدّ بمجردّ الاحتمال ، وقد اشتهر أنّ الحدود تُدرأ بالشبهات ، وهذه الجملة وإن لم ترد في شيء من الروايات ما عدا رواية مرسلة ولفظها هكذا : "الحدّ يدرأ بالشبهة" [2] ، ولكن الحكم متسالمٌ عليه
ــــــــــــــــــــــــــــ [1] راجع شرح العروة 3 : 54 ـ 55 .
[2] لاحظ الوسائل 28 : 47 / أبواب مقدّمات الحدود ب 24 ح 4 و ص 130 / أبواب حدّ الزنا ب 27 ح 11