على أ نّا أسلفناك فيما مرّ أن هذه الرواية رواها الكليني بسند آخر قد غفل عنه صاحب الوسائل فاقتصر على نقل الرواية بالسند المذكور عن الشيخ ولم يروها بذاك السند عن الكافي ، وإنّما الحقّ ذاك السند برواية اُخرى لا وجود لها مع هذا السند ، وكأنّ عينه قد طفرت من رواية إلى اُخرى حين النقل ، وذاك السند هو : الكليني ، عن أبي علي الأشعري ، عن محمّد بن عبد الجبار ، عن علي ابن مهزيار[1] .
وهذا السند ـ كما ترى ـ عال جدّاً نقي عن كلّ شبهة ، فعلى تقدير التشكيك في السند المتقدّم ـ ولا موقع له كما عرفت ، فإنّ أحمد بن محمّد الواقع في السند مردّد بين ابن عيسى وابن خالد ، وكلاهما ثقّة وفي طبقة واحدة يروي عنهما الصفّار ويرويان عن ابن مهزيار ، ولكن بقرينة اقترانه بأخيه عبدالله بن محمّد الملقّب بـ : "بنان" يستظهر أ نّه محمّد بن عيسى ـ فلا مجال للتشكيك في هذا السند بوجه فإنّه صحيح قطعاً ، وقد عرفت أنّ صاحب الوسائل فاته نقلها بهذا السند فلم يذكره لا هنا ولا في كتاب النذر .
هذا ، وقد علّق المجلسي في المرآة عند نقل هذه الرواية بالسند الصحيح ، فنقل عن المدارك استضعاف المحقّق لها ، وبعد أن استغرب ذلك احتمل وجوهاً لتضعيفه[2] تقدّم ذكرها مع تزييفها : من الإضمار ، وقد عرفت أنّ ابن مهزيار من الطبقة العليا الذين لايقدح إضمارهم . ومن عطف المرض على السفر ، وقد عرفت أنّ القرينة الخارجيّة ـ وهي الإجماع على عدم صحّة الصوم حال المرض وإن نذر ـ تقتضي رجوع الإشارة إلى الأوّل فحسب .
هذا إن تمّ الإجماع كما لا يبعد فيرفع اليد عن ظاهر الرواية من رجوع
ــــــــــــــــــــــــــــ