في بغداد ، أو استحباب المبيت في النجف الأشرف أو في كربلاء [1] لا يختص بتلك البلدان على مساحتها القديمة الكائنة عليها في عهد صدور تلك الأخبار بل يشمل الزيادات المتصلة المندرجة تحت اسم البلد ، ويتعدّى إليها ، هذا .
ولكن الظاهر عدم التعدِّي في المقام ، لوجود مزيّة فيه مفقودة في غيره ، وهي أنّ الحكم وإن تعلّق بعنوان مكّة والمدينة في جملة من الأخبار كصحيحة ابن مهزيار [2] إلاّ أنّ المسـتفاد من مجموع النصوص أنّ موضوع الحكم ليس هو مجرّد اسم البلد وعنوانه على إطلاقه وسريانه ، بل بما أ نّه مصداق للحرم ومعنون بهذا الوصف العنـواني ، ولا ريب أنّ المنسبق منه ما كان متصفاً بالحرميـة في عهده (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وموصوفاً بالاحترام آنذاك ، المحدود ـ طبعاً ـ بحدود معيّنة ، ولا تشمل الزيادات المستحدثة بعد ذلك ، كما يفصح عنه قوله (عليه السلام) في صحيحة معاوية بن عمار : " ... وحدّ بيوت مكّة التي كانت قبل اليوم عقبة المدنيين ، فانّ الناس قد أحدثوا بمكّة ما لم يكن" [3] .
وأوضح منها قوله (عليه السلام) في ذيل صحيحته الاُخرى الطويلة الحاكية لكيفية حجّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : " ... ودخل من أعلى مكّة من عقبة المدنيين ، وخرج من أسفل مكّة من ذي طوى" [4] .
حيث يظهر منهما بوضوح أنّ العبرة في الأحكام المترتّبة على هذه البلدة المقدّسة من قطع التلبية أو عقد الإحرام أو التخيير بين القصر والتمام وما شاكل ذلك إنّما هي بما كان كذلك في عهده (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ولا تعمّ الزيادات المستحدثة في العصور المتأخّرة .
ــــــــــــــــــــــــــــ