نام کتاب : المبسوط في فقه الإمامية نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 2 صفحه : 10
و إذا كان في المسلمين قلة و ضعف و في المشركين كثرة و قوة فالأولى أن يؤخر الجهاد و يتأنى حتى يحصل للمسلمين قوة فإذا اشتدت شوكة المسلمين و علم شوكتهم [و قوتهم] لا يجوز أن يؤخر القتال، و أقل ما عليه أن يغزو في كل عام غزوة، و كلما أكثروا الجهاد كان أكثر فضل لأنه من فرائض الكفايات فكلما كان أكثر كان أفضل، و كان في بدو الإسلام أن يصاف واحد لعشرة، ثم نسخ بوقوف الواحد لاثنين بدليل الآية، و ليس المراد بذلك أن يقف الواحد بإزاء العشرة أو اثنين و إنما يراد الجملة، و إن جيش المسلمين إذا كان نصف جيش المشركين بلا زيادة وجب الثبات، و إن كان أكثر من ذلك لم يلزم، و جاز الانصراف، و معنى لزوم الثبات أنه لا يجوز الانصراف إلا في موضعين: أحدهما:
أن ينحرف لقتال و تدبير بأن ينحرف عن مضيق إلى اتساع لتجول الخيل أو من معاطش إلى مياه أو كانت الشمس أو الريح في وجوههم فاستدبروها، و ما أشبه ذلك، و الثاني: أن يتحيزوا إلى فئة و جماع لقوله تعالى «إِلّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ»[1] و لا فرق بين أن تكون الفئة قريبة أو بعيدة قليلة أو كثيرة لعموم الآية فإن انصرف على غير هذين الوجهين كان فارا و فسق بذلك و ارتكب كبيرة و باء بغضب من الله، و إذا غلب على ظنه أنه إذا ثبت قتل و هلك فالأولى أن نقول: ليس له ذلك لقوله تعالى «إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا»[2].
و قيل: إنه يجوز له الانصراف لقوله تعالى «وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ»[3] و أما إذا كان المشركون أكثر من ضعف المسلمين فلا يلزم الثبات و هل يستحب ذلك أم لا؟ فإن غلب على ظنه أنه لا يغلب فالمستحب أن يثبت و لا ينصرف لئلا يكسر المسلمين، و إن غلب على ظنه أنه يغلب و يهلك فالأولى له الانصراف.
و قيل: إنه يجب عليه الانصراف، و كذا القول فيمن قصده رجل فغلب على ظنه أنه إن ثبت له قتله فعليه الهرب.