إلاّ أ نّه ضعيف جداً ، وذلك لأنّ هذا التفصيل وإن ورد في رواية معتبرة ، فقد روى الكاهلي ـ عبدالله بن يحيى الكاهلي الممدوح ـ إنّه قال أبو عبدالله (عليه السلام) : "النظرة بعد النظرة تزرع في القلب الشهوة ، وكفى بها لصاحبها فتنة" [1] . كما روى الصدوق مرسلاً أنه (عليه السلام) قال: "أوّل نظرة لك، والثانية عليك ولا لك، والثالثة فيها الهلاك" [2] ، لكنّها مرسلة فلا يمكن الاعتماد عليها .
وعلى فرض صحة الرواية سنداً فإنّ هذا التفصيل لا يمكن العمل به وذلك :
أوّلاً : إنّ الظاهر من هذه النصوص ، أ نّها ليست في مقام الفرق بين النظرة الاُولى والثانية من حيث العدد ، وإنما هي بصدد الفرق بينهما من حيث إنّ الاُولى اتفاقية وغير مقصودة بخلاف الثانية ، فتحرم الثانية دون الاُولى ، فلا تدلّ حينئذ على جواز النظرة الاُولى حتى ولو كانت مقصودة .
ثانياً : إنّ إطلاق هذه الروايات لو سلم فلا بدّ من تقييده على كل حال ، فإنّها تدل بإطلاقها على جواز النظرة الاُولى متعمداً إلى جميع أعضاء بدن المرأة ، وهو مما لا يقول به أحد .
وحيث يدور أمر تقييدها بين التقييد بالوجه واليدين ، والتقييد بالاختيار وعدمه وكان الثاني بنظر العرف هو الأظهر تعيّن التقييد به . خصوصاً بملاحظة أنّ التفصيل بين النظرة الاُولى والثانية بلحاظ العدد ، بمعنى الالتزام بالجواز في النظرة الاُولى بما هي نظرة اُولى ـ حتى ولو كانت اختيارية ـ وعدم الجواز في الثانية بما هي ثانية ، مما لا يقبله العقل السليم .
حيث يرد التشكيك في النظرة الاُولى من حيث مدتها وفترة صدقها ، وذلك بمعنى أ نّه إلى متى يجوز الاستمرار في النظرة الاُولى ؟ وهل يجوز النظر لمدة خمس دقائق مستمراً في حين لا يجوز إعادة النظر ولو لأقل من دقيقة لأ نّه من النظرة الثانية ؟
ثم ما هي الفترة التي لا بدّ وأن تمضي لتصدق ثانياً النظرة الاُولى ؟ وهل إذا نظر إلى
ــــــــــــــــــــــــــــ
[1] الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 104 ح 6 .
[2] الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 104 ح 8 .