بِوَلِهِ عاشقٍ قديم لم يندمل بعدُ جُرح عشقِه ، وبحرقةِ مُولعٍ متيّمٍ عادَ لتوِّه مِن نعمى لقاءٍ باذخ . راحَ أبي يقُصٌّ عليَّ حَجّته الأُولى ، وفي عينيه فتورٌ مستثار ، وعلى لسانهِ حذَرٌ ناعم ، وفوق فمِه ابتسامةٌ مُشرَبةٌ بحُبٍّ تُحاول أنْ تُفصح عن نفسها ، فيمنعها ـ كما يبدو ـ حياءٌ مهيب ووقارٌ وجلالٌ بهيّ .
قُلت لأبي ـ وقد استثارتني حالته تلك ـ : أراك تتحدّث عن حَجّتك الأُولى كما يتحدّث مغرمٌ عن سعادة وصاله الأَوّل .
قال ـ وقد تهدّج صوته وتكسّر وهو يُخاطبني ـ : وأنا أستعيد معك الآن شريط ذكرياتِ ذلك الشوط المُمتع ، أسترجع بشوقٍ دافق دفءَ وعذوبةَ ونشوةَ ذلك الهوى الممضِّ المبرّح المغروس في القلب :