و ما اخترناه من القول الأول هو مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي [2] و جلّة مشيختنا، و دليله ما قدمناه من أنه لا خلاف في صحة الوقف إذا خلا من الشرط المخالف فيه، و الخلاف في صحّته مع الشرط المذكور.
و يدل على صحّة ما اعتبرناه من الشروط- بعد إجماع أصحابنا- أنّه لا خلاف في صحّة الوقف و لزومه إذا تكاملت، و ليس على صحته و لزومه إذا لم تتكامل دليل.
و يتبع في الوقف ما يشرطه الواقف، من ترتيب الأعلى على الأدنى، أو اشتراكهما، أو تفضيل في المنافع، أو المساواة فيها، الى غير ذلك، بلا خلاف.
و إذا وقف على أولاده، و أولاد أولاده، أو على أولاده فحسب، و لم يقل:
لصلبه، دخل فيهم أولاد أولاده، ولد البنات و البنين، بدليل إجماع أصحابنا، و لأن اسم الولد يقع عليهم، لغة و شرعا، و قد اجمع المسلمون على ان عيسى (عليه السلام) ولد آدم، و هو ولد ابنته، و قد قال النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) في الحسن و الحسين:
«ابناي هذان إمامان، قاما أو قعدا» [3] و لا خلاف بين المسلمين في أن الإنسان لا يحل له نكاح بنت بنته، مع قوله تعالى «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ»[4] فبنت البنت بنت بغير خلاف، و أيضا دعا رسول اللّه (عليه السلام) الحسن ابنا، و هو ابن بنته فقال [5] لا تزرموا على ابني [6]- بالزاء المعجمة المسكّنة، و الراء غير المعجمة المكسورة، و الميم- اى لا تقطعوا عليه بوله، و كان قد بال في حجره فهموا بأخذه، فقال لهم ذلك.
فأمّا استشهاد المخالف على خلاف ما ذكرناه بقول الشاعر:
بنونا بنو أبناءنا و بناتنا * * * بنوهن أبناء الرجال الأباعد
. فإنّه مخالف لقول الرّسول (عليه السلام)، و قول الأمّة، و المعقول، فوجب ردّه، و أن
[1] في الانتصار، كتاب في مسائل شتى في الهبات و الإجارة و الوقوف و الشركة.
[2] في المبسوط، ج 2 كتاب البيوع(ص)81، كما سيأتي إن شاء اللّه تعالى.