نام کتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي نویسنده : ابن إدريس الحلي جلد : 2 صفحه : 432
الطبري أنّ في أصحابه من حمل المسألتين على ظاهرهما، و فرّق بينهما بأنّ العادة جرت بإعارة الدواب، و في الأرض بالإجارة دون العارية. دليلنا على ما قلناه:
أولا إجماع الفرقة على أنّ كلّ مجهول يشتبه، ففيه القرعة، و هذا من ذاك، و أمّا ما قلناه ثانيا، فهو أن الأصل براءة الذمة، و صاحب الدابة و الأرض مدّع للأجرة، فعليه البيّنة، فإذا عدمها، كان على الراكب و الزارع اليمين، هذا آخر المسألة من كلام [1] شيخنا أبي جعفر [2](رحمه الله).
قال محمّد بن إدريس: أمّا رجوع شيخنا إلى القرعة في هذا، ليس بواضح [3]، لأنّ هذا أمر غير مجهول، و لا مشكل، بل هذا بيّن، و الشارع و الإجماع بيّنه، و هو مثل الدعاوي في سائر الأحكام، من أنّ على المدّعي البينة و على الجاحد اليمين. و أمّا ما قاله ثانيا، فهو الذي اختاره في كتاب العارية، و هو خيرة المزني، صاحب الشافعي، و قد بيّنا ما عندنا في ذلك، و هو إنّا لا نقبل قول مدّعي مقدار الأجرة، و لا نقبل قول مدعي العارية، و نأخذ عوض المنفعة المتحققة الذي هو الركوب و الزرع، لأنّا إذا لم يسلم لنا العوض المدّعى من الأجرة، رجعنا إلى العوض [4]، و هو اجرة المثل، و لا نقبل قول الزارع و الراكب في إبطال المنفعة كلّها، و هي متحققة قد استوفاها، و هو مدّعي لسقوط عوضها بالكلية، فهذا تحرير هذه الفتيا، فليلحظ، فإنّها غير ملتبسة و لا غامضة على المتأمّل، فإنّي لا أستجمل القول لشيخنا أبي جعفر الطوسي (رحمه الله) مع جلالة قدره، ما قاله في المسألتين من القرعة، و القول الثاني الذي قال فيه: إنّ الأصل براءة الذمّة.
و إذا استعار من غيره دابة ليحمل عليها وزنا معينا، فحمل عليها أكثر منه، أو ليركبها إلى موضع معيّن، فتعدّاه، كان متعدّيا، و لزمه الضمان، و لو ردّها إلى المكان المعيّن بلا خلاف.