و قال ابن بابويه في رسالته: و إذا [2] كان لك على رجل حقّ [3] فوجدته بمكة، أو في الحرم، فلا تطالبه، و لا تسلّم عليه، فتفرعه، إلا أن تكون أعطيته حقك في الحرم، فلا بأس بأن تطالبه به في الحرم.
قال محمد بن إدريس، مصنف هذا الكتاب: الذي يقوى عندي، في تحرير هذا القول، و ما ذكره و أورده شيخنا أبو جعفر في نهايته، أن يحمل الخبر، على أن صاحب الدين، طالب المدين خارج الحرم، ثمّ هرب منه و التجأ إلى الحرم، فلا يجوز لصاحب الدين مطالبته، و لا إفزاعه، فأمّا إذا لم يهرب إلى الحرم، و لا التجأ إليه خوفا من المطالبة، بل وجده في الحرم، و هو ملي بماله، موسر بدينه، فله مطالبته و ملازمته، و قول ابن بابويه: إلا أن يكون أعطيته حقك في الحرم، فلك أن تطالبه في الحرم، يلوح بما ذكرناه، على ما حرّرناه، و لو كان ما روي صحيحا، لورد ورود أمثاله متواترا، و الصحابة، و التابعون، و المسلمون في جميع الأعصار، يتحاكمون إلى الحكام في الحرم، و يطالبون الغرماء بالديون، و يحبس الحاكم على الامتناع من الأداء إلى عصرنا هذا، من غير تناكر بينهم في ذلك، و إجماع المسلمين على خلاف ذلك، و وفاق ما اخترناه و حرّرناه، و هذا معلوم ضرورة، أو كالضرورة، فلا نرجع عن الأمور المعلومة، بأخبار ضعيفة أكثر ما [4] تثمر الظن، دون اليقين و العلم، و لا يورد ذلك في كتابه [5] إلا الآحاد من أصحابنا، و لا إجماع عليه منهم، و الأصل الإباحة، و الحظر يحتاج إلى دليل، و الإنسان مسلّط على أخذ ماله، و المطالبة به، عقلا و شرعا.
و من كان عليه دين، وجب عليه السعي في قضائه، و العزم على أدائه، و ترك