و قوله (عليه السلام): أمّا أنا فأحثو على رأسي ثلاث حثيات من ماء، فإذا أنا قد طهرت. و لم يخص ماء من ماء، و ماء في الخبر منكر، و النكرة مستغرقة لجنسها، فالظواهر من القرآن و السنّة التي يتمسك بها على طهارة الكرّ المختلف فيه، كثيرة على ما ترى جدا.
و أيضا حسن الاستفهام عند المحقّقين لأصول الفقه، يدلّ على اشتراك الألفاظ بغير خلاف فيما بينهم، و لا خلاف في أنّ من قال عندي ماء، يحسن أن يستفهم عن قوله: أنجس أم طاهر؟ و ليس كذلك إذا قال عندي ماء للطهارة في أنّه لا يحسن استفهامه، لأنّ القرينة أخلصته من الاشتراك، و هو قوله للطهارة.
و على هذا آية التيمم في قوله تعالى فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا المراد به الطاهر لأجل القرينة، و هي ذكر الطهارة في سياق الآية.
فإن قيل: كيف يكون مثلا نصف كر منفردا نجسا، و النصف الآخر أيضا نجسا، فإذا خلطا و بلغا الكر مجتمعا يصير طاهرا؟ و هل هذا إلا عجيب! قلنا: لا يمتنع أن يكون البعض نجسا إذا كان متفرقا، و كذلك البعض.
الآخر، فإذا اجتمعا حدث معنى و هو البلوغ و الاجتماع، فتغيّر الحكم عما كان عليه أوّلا، فيخرجه من النجاسة إلى الطهارة، فيطهر حينئذ بالبلوغ، و لهذا أمثلة كثيرة عقلا و سمعا، فمن ذلك المشرك نجس العين عندنا، و يخرجه الإيمان عن النجاسة إلى الطهارة.
فإن قيل: إنّ العين على ما كانت عليه؟
قلنا: غير مسلّم، لأنّ اعتقاد الإسلام و الإيمان يمنع من أن يطلق عليها انّها على ما كانت عليه، إلا أن يراد بالعين نفس الجواهر فهو كذلك، إلا انّه غير