نام کتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي نویسنده : ابن إدريس الحلي جلد : 1 صفحه : 44
و لا يعلم و لا يجمع و لا يختلف حتى يكون الإنفاق عليه من ماله ألذ عنده من الإنفاق من مال عدوّه، و من لم يكن نفقته التي تخرج في الكتب، ألذ عنده من إنفاق عشّاق القيان [1]، و المستهترين بالبنان لم يبلغ في العلم مبلغا رضيّا، و ليس ينتفع بإنفاقه حتى يؤثر اتخاذ الكتب إيثار الأعرابي فرسه باللبن على عياله، و حتى يؤمّل في العلم ما يؤمل الأعرابي في فرسه و لأنّ سخاء النفس بالإنفاق على الكتب دليل على تعظيم العلم، و تعظيم العلم دليل على شرف النفس، و على السلامة من سكر الآفات.
قال محمد بن إدريس (رحمه الله): و قد روي عن الرسول (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) أنّه قال: قيّدوا العلم بالكتابة [2] فحداني ما حكيته، و بعثني ما أوردته على أن أجيل قدحي في ربابتهم، و أقتفي اثر جماعتهم.
و اعلم أبقاك اللّه و أيّدك بالتوفيق، أنّه ليس لمن أتى في زماننا هذا بمعنى غريب، و أوضح عن قول معيب، ورد شاردة خاطر غير مصيب، عند هؤلاء الأغمار الإغفال، و ذوي النزالة و السفال، الا انّه متأخّر محدث، و هل هذا لو عقلوا إلا فضيلة له، و منبهة عليه، لأنّه جاء في زمان يعقم الخواطر، و يصدي الأذهان، و للّه در المتنبي حيث يقول:
أتى الزمان بنوه في شبيبته * * *فسرّهم و آتيناه على الهرم
و لقد أحسن الحيص في قوله في هذا المعنى:
تفضّلون قديم الشعر عن سفه الفضل * * *في الفضل لا في العصر و الدّار
و قال المبرد: ليس بقدم العهد يفضل القائل، و لا لحدثان العهد يهتضم المصيب، و لكن يعطى كلّ واحد منهما ما يستحق، فالعاقل اللبيب الذي يتوخى الإنصاف فلا يسلم إلى المتقدّم إذا جاء بالردى لتقدّمه، و لا يبخس