responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي نویسنده : ابن إدريس الحلي    جلد : 1  صفحه : 42

و تلافيت نفسا بلغت التراقي، و حبوت أهله مع معرفتي بفضل إذاعته إليهم، و فرط بصيرتي بما في إظهاره لديهم، من الثواب الجزيل، و الذكر الجميل، و الاحدوثة الباقية على مرّ الدهور، فلم يصان العلم بمثل بذله، و لن تستبقى النعمة فيه بمثل نشره.

قال بعض العلماء مادحا للعلم، و تخليده في الكتب: و الكتاب قد يفضّل صاحبه، و يقدّم مؤلفه، و يرجح قلمه على لسانه، و عقله على بيانه بأمور:

منها: إنّ الكتاب يقرأ بكلّ مكان، و يظهر ما فيه على كلّ لسان، ثم يوجد مع كل زمان على تفاوت ما بين الأعصار و تباعد ما بين الأمصار، و ذلك أمر يستحيل في واضع الكتاب، و المنازع بالمسألة و الجواب، و مناقلة اللسان و هدايته لا يجوزان مجلس صاحبه، و مبلغ صوته، و قد يذهب الحكيم و تبقى كتبه، و يفنى العاقل و يبقى أثره، و لهذا آثر الجلّة من المحققين، و أهل العبر و الفكرة من الديّانين، وضع الكتب و الاشتغال بها، و اجتهاد النفس في تخليدها و توريثها، على صوم النّهار و قيام الليل، و لو لا ما رسمت لنا الأوائل في كتبها، و خلّدت من عجائب حكمتها، و دوّنت من أنواع سيرها حتى شاهدنا بها ما غاب عنّا، و فتحنا بها كلّ مستغلق كان علينا، فجمعنا إلى قليلنا كثيرهم، و أدركنا ما لم نكن ندركه إلا بهم، لقد خسّ حظنا من الحكمة، و صعبت سبلنا إلى المعرفة، و لو الجئنا إلى قدر قوتنا، و مبلغ خواطرنا، و منتهى تجاربنا لما أدركته حواسنا، و شاهدته نفوسنا، لقد قلّت المعرفة، و قصرت الهمّة، و انتقصت المنّة، و عاد الرأي عقيما، و الخاطر سقيما، و لكلّ الحدّ و تبلّد العقل، فانّ الكتاب نعم الذخر و العقد، و نعم الجليس و العقدة، و نعم النشرة و النزهة، و نعم المشتغل و الحرفة، و نعم الأنيس في ساعة الوحدة، و نعم المعرفة ببلاد الغربة، و نعم القرين و الرحيل، و نعم الوزير و النزيل.

و الكتاب وعاء ملئ علما، و ظرف حشي طرفا، و إناء شحن مزاحا و جدّا، إن شئت كان أبين من سحبان وائل، و ان شئت كان أعنى من ناقل، و إن شئت ضحكت من نوادره، و إن شئت أشجتك مواعظه، و منّ لك بواعظ

نام کتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي نویسنده : ابن إدريس الحلي    جلد : 1  صفحه : 42
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست