نام کتاب : الدروس الشرعية في فقه الإمامية نویسنده : الشهيد الأول جلد : 1 صفحه : 9
القطر: و اشترك في حلقات الدراسة التي كانت تُعقد في المساجد و
المدارس و البيوت، و تعاطى فيها طرفا من العلم، و ساهم فيما كان يدور بين الأساتذة
و الطلاب، أو بين الطلاب أنفسهم: من خلاف و شجار يحتد حينا، و يلين آخر و كون
لنفسه بمرور الزمن آراء خاصة في مسائل الفقه و الأدب، و إعانته على ذلك ثقافته
الشخصية، و مؤهلاته الفكرية، و قريحته الوقادة.
و لا نعلم
شيئا صحيحا عن بداية أمر هذا القطر، و ظهور الحركة الفكرية الشيعية فيها، إلا أنا
نعلم أن الصحابي الجليل (أبا ذر) رضي الله عنه لما نفي إلى (الشام) في عهد (عثمان
بن عفان) نزل هذا القطر، و اتخذ لنفسه فيه مقامين في قريتي (الصرفند) على ساحل
البحر الأبيض و (مخاليس الجبل) في الجهة الجنوبية الشرقية من جبل عامل على رابية
تطل على الأردن و لا يزال هناك مسجدان في هاتين القريتين تعرفان باسمه.
و في غالب
الظن أن التشيع انبثق من هذين المقامين، و من أيام نزول (أبي ذر) بجبل عامل بالذات[1].
فأصبح و هو
لم يتجاوز بعد المراحل الاولى من دراسته يشار اليه بالفضل و العلم، و ينبأ له
بمستقبل رفيع في مجالات الثقافة و الفكر.
و في البيت
كان يجد من والده الشيخ (مكي جمال الدين) دافعا قويا لممارسة الدراسة، و باعثا على
التفكير و الدرس، كما كان يجد من المجالس التي كانت تعقد في بيتهم بين حين و آخر،
و يحضرها نفر من العلماء المرموقين في المنطقة مجالا خصبا للتفكير و المناقشة و
إبداء الرأي.
كذلك نشأ
شيخنا الفقيه المترجم له في بيئة (عاملة)، يجلس إلى حلقاتها، و يرتاد مجالسها، و
يشترك فيما يجري فيها من نقاش و جدال و يستمع إلى العلماء