له أن يتجاوز عن ذلك المقدار بل يقتصّ منه إذا تجاوز نظير ما
ورد من الاقتصاص من الحدّاد، اي مجري الحدّ، إذا تعدّى عن الحدّ [1].
و على الجملة فليس المعلّم كالحاكم في كون التعزير بيده و منوطا
بنظره بل يجب عليه أن لا يتعدّى عن ذلك، و ذلك لقرينة الاقتصاص المذكور في
الرواية.
و هل هو مستقلّ في تأديبه بهذا المقدار أم لا بل يحتاج إلى إذن
الوليّ؟.
أقول: الظاهر عدم استقلاله في ذلك بل هو محتاج إلى إذن الوليّ فإنّ
قصده و إن كان إصلاحيّا نظرا إلى أنه يريد ترفيع مقامه بأخذ الدروس و تعلّمها و
صيرورته فطنا ماهرا في العلم و الثقافة لكن ربما لم يكن لأبيه هذا الاهتمام و هو
لا يريد صيرورة ولده عالما نحريرا و لا يرضى لابنه أن يضرب و إن لم يتعلّم شيئا
فلو نهاه والده عن ضربه مثلا و علم بعدم رضاه فهناك يشكل الإقدام على ضربه و لو
بالمقدار المزبور و هو خلاف الاحتياط إلّا أن يستأذن وليّه و هو قد أذن في ذلك.
اللهم إلّا أن يقال بأن تسليم الوليّ الطفل إلى الكتّاب أو المدرسة مع ما هو
كالسيرة الدائرة الرائجة هناك من ضربهم الأطفال في بعض الموارد بل و توقف التعليم
و التربية في بعض الأحايين على ذلك من قبيل إذن الوليّ في ضرب الطفل و هو كإمضاء
لتلك السيرة المستمرة، و على ذلك فلو صرّح الأب بأن هذا الطفل لا يستعدّ بحسب حاله
للضرب أو نهاه عن ضربه فلا يجوز له ضربه.
و يمكن التفصيل بين ما إذا كان ضربه الطفل لمكان أنه قد فعل ما هو من
قبيل المعاصي و المحرّمات و بين ما إذا أتى بما لا يساعد الأنظمة و البرامج
الجارية هناك و كان ضربه لتعليمه و قراءته و كتابته و ما يتعلق بهذه الأمور أو
لتأديبه فعلى الأوّل يكون له الإقدام على ضربه استقلالا بخلاف الثاني فإنّه يعتبر
فيه إذن
______________________________
[1] ففي الكافي ج 7 ص 260 عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنّ أمير
المؤمنين عليه السلام أمر قنبر أن يضرب رجلا حدّا فغلظ قنبر فزاد ثلاثة أسواط
فأقاده عليّ عليه السلام من قنبر ثلاثة أسواط.