و التحقيق أن ما يصدر منه الذي يحمل الوالد مثلا أو المعلّم على
أن يعزّره و يؤدّبه قسمان:
أحدهما: ما كان من قبيل المعاصي التي لو أقدم عليها الكبير كان يحدّ
عليها كاللّواط و غير ذلك.
ثانيهما: ما لا يكون كذلك كالأمور العرفيّة التي يعتني بها المجتمع
الإنساني كالمواظبة على السّلام و الآداب الإنسانية و كرامتها، فيضربه على أنه لم
يسلّم عند وروده في المجلس أو أنه لم يواظب على أداء احترام الأشخاص و تعظيم
الأكابر.
أمّا الأوّل فيمكن إثبات جواز ذلك لما مرّ في أوائل بحث القذف من أنه
لو قذف الصبيّ فإنّه لا يحد و لكنّه يعزّر، بأن يقال إنه لا اختصاص بباب القذف بل
يجري ذلك في كلّ المعاصي و المحرمات فإنّه على ذلك يستفاد منه حكم كلّي و هو أنه
كلّما ارتكب الصبي ما لو ارتكبه الكبير يحدّ عليه فهو يعزّر عليه.
و أمره في الزيادة و النقصان بيد من بيده التعزير فيختلف باختلاف
عمله و حاله زيادة و نقصا شدّة و ضعفا.
و أمّا المورد الثاني فالظاهر فيه أيضا الجواز و ذلك لأن وظيفة
الوالدين تأديب أولادهم و تربيتهم على الأخلاق الكريمة و الآداب الحسنة، و تمرينهم
و تعويدهم على كرائم العادات و فعل الحسنات و منعهم عن كلّ عمل يضرّ بأنفسهم و
بغيرهم، و على وليّ الأطفال تكميل نفوسهم [1] و سوقهم إلى ما فيه
______________________________
[1] أقول: ففي نهج البلاغة: و أما حق الولد على الوالد أن يحسن
اسمه و يحسن أدبه و يعلّمه القرآن.
و في الصحيفة السجّادية: و أعنّي على تربيتهم و تأديبهم و برّهم.
و في رسالة الحقوق للإمام عليّ بن الحسين زين العابدين عليه
السلام: و أمّا حقّ ولدك فتعلم أنه منك و مضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره و شرّه و
أنك مسئول عما وليته من حسن الأدب و الدلالة على ربّه و المعونة له على طاعته فيك
و في نفسه فمثاب على ذلك و معاقب على