بحفظ النظام في تجويز التعزير عند عدم ورود ذلك من الشرع و ما
لم يثبت ولاية عامّة للفقيه تشمل جعل الأحكام.
ثانيهما: الروايات الدّالّة على أن لكلّ شيء حدّا فعن سماعة عن أبي
عبد اللّه عليه السلام قال: إنّ لكلّ شيء حدّا و من تعدّى ذلك الحدّ كان له حدّ
[1].
و فيه أن إثبات المطلوب بهذه مشكل و ذلك لأنّه أوّلا أن الخبر بحسب
ظاهره شامل لكلّ شيء و من المعلوم أنه ليس كلّ الأشياء كذلك إلّا أن يكون المراد
من كلّ شيء كلّ معصية من فعل الحرام و ترك الواجب. و ثانيا إنّ الرواية مجملة
لعدم معلوميّة المراد من الحدّ فهل هو الحدّ المصطلح أو المراد منه المقدار فإنّ
ما كان له مقدار معيّن و كان له انتهاء فله حدّ و هو محدود و من المعلوم أن كلّ ما
هو غير اللّه تعالى فله حدّ و مقدار و بداية و نهاية و إنّما اللّه سبحانه هو الذي
ليس له حدّ محدود و لا ابتداء و لا انتهاء، أو أن المراد من الحدّ هو ما يقال: إنّ
للبذل و الإنفاق حدّا و للمحبّة حدّا و للعداوة حدّا؟ و مع هذا الإجمال كيف يتمسّك
بها.
فلو كان المراد من الحدّ العقوبة المقرّرة على المعاصي من اللّه
تعالى لكانت الرواية دالّة على المقصود، و أمّا مع احتمال شيء آخر- على ما ذكرنا-
كاحتمال (كلّ شيء) لغير ما ذكر فلا.
و بعبارة أخرى الأمر دائر بين أن يكون الحدّ قرينة على كون المراد من
الشيء، المحرّم أو أن يكون (كلّ شيء) قرينة على كون المراد من الحدّ الانتهاء
فلو لم تكن القضيّة ظاهرة في الثاني فلا أقلّ من إجمالها المانع من التمسك بها.
إن قلت: إنّ الظاهر من الرواية تركيبها من صغرى و كبرى فإنّ مفادها
أن كلّ شيء أي أيّ موضوع من الموضوعات محكوم بحكم من الأحكام الإلهيّة
______________________________
[1] وسائل الشيعة ج 18 ب 3 من أبواب مقدمات الحدود ح 2 أقول: إنّه
ذكر دام ظلّه وجهين في الإشكال على التمسك بهذه الروايات و قد ذكرهما بعض أكابر
العصر قدّس سرّه في جامع المدارك ج 7 أحدهما في ص 121 و الآخر في ص 98 فراجع نعم
في بيان سيّدنا الأستاذ الأكبر دام ظلّه مزيد احتمال و بيان كما لا يخفى.