دليلنا: إجماع الفرقة، و أيضا قوله تعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ، وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ»[3]. فبدأ في إيجاب الطهارة بغسل الوجه، ثم عطف باقي الأعضاء على بعضها ب (الواو).
و قال كثير من النحويين، نحو الفراء [4] و أبي عبيد، أنها توجب الترتيب [5].
و أيضا قوله «فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ» فوجب البداية بالوجه، لمكان الفاء التي توجب الترتيب بلا خلاف. و إذا وجبت البداية بالوجه، وجب في باقي الأعضاء، لأن أحدا لم يفصل. و طريقة الاحتياط تقتضي ذلك، لأنه لا خلاف أن من رتب، فان وضؤه صحيح، و اختلفوا إذا لم يرتب.
و خبر الأعرابي يدل عليه أيضا، على ما بيناه. و قوله (صلى الله عليه و آله):
[1] أبو عبد الرحمن، عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شخص بن هذيل الهذلي. حليف بني زهرة. شهد بدرا و المشاهد بعدها، و صحب النبي (صلى الله عليه و آله) و حدث عنه، و عن عمر، و سعد بن معاذ، و روى عنه ابناه عبد الرحمن و أبو عبيدة، و أبو رافع، و جابر، و أنس و غيرهم. مات سنة (32 ه).
و قيل سنة (33 ه). الإصابة 2: 360.
[2] أحكام القرآن للجصاص 2: 360، و تفسير القرطبي 6: 98- 99.
[4] أبو زكريا، يحيى بن زياد بن عبد الله بن مروان الديلمي، المعروف ب (الفراء). قيل له: الفراء، لأنه كان يفري الكلام، امام العربية. روى عن قيس بن الربيع، و مندل بن على، و الكسائي. و عنه سلمة بن عاصم، و محمد بن الجهم السمري. مات سنة (207 ه). بغية الوعاة: 411.