نام کتاب : الخلاف نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 1 صفحه : 515
و هذا التأويل مروي عن عمر، و ابن مسعود، فكان تقدير الآية لا يقرب المسجد سكران و لا جنب إلا عابري سبيل [1]، فدل على جواز عبور الجنب فيه.
فان قالوا: معنى الآية غير هذا و هو ان قوله تعالى «لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ» حقيقة هذه الصلاة، فنحملها على حقيقتها، و لا يقربها سكران و لا جنب إلا عابري سبيل، و هو إذا كان مسافرا عابر سبيل، فان له أن يتيمم و هو جنب و يصلي. فتساوينا في الآية، لأنكم حملتم آخرها على الحقيقة و أولها على المجاز، و نحن حملنا أولها على الحقيقة و أضمرنا في آخرها، و من أضمر في الخطاب كمن ترك حقيقة إلى المجاز. قالوا: و هذا تأويل ابن عباس و على (عليه السلام)[2].
قيل: إذا اختلفت الصحابة في تأويل آية وجب أن يرجح قول بعضهم و تأويلنا أولى من وجوه:
أولها: ان جواز التيمم للجنب المسافر مستفاد من آخر الآية و هو قوله تعالى «وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً»[3] و إذا كان هذا الحكم مستفادا من آخرها فكيف يحمل أولها عليه لأنه لا فائدة له، فكان حمل الخطاب على فائدة أولى من حمله على التكرار.
و الثاني: هو أن الإضمار في الكلام بمنزلة ترك الحقيقة فيه، لأنه إذا أمكن حمله على الحقيقة فلا وجه لحمله على المجاز، و إذا أمكن حمله على ظاهره فلا معنى للإضمار فيه، فصار الإضمار و ترك الحقيقة سواء.
و إذا كانا سواء فقد تركنا حقيقة كلمة واحدة، و أنتم أضمرتم في آخر الآية
[1] الدر المنثور 2، 166، و أحكام القرآن للجصاص 2: 203.
[2] أحكام القرآن للجصاص 2: 204، و تفسير القرطبي 5: 206.