وفيه : أنّ الرواية وإن كانت معتبرة من حيث السند وموثقة ، لكنّها قاصرة الدلالة على المدّعى ، لأ نّها دلّت على أخذ الكفن من مال الزكاة فيما إذا وجدت زكاة ، وأمّا إذا لم توجد الزكاة فلا دلالة لها على أنّ الميِّت يدفن عارياً ولا يجب على المسلمين بذل الكفن .
إلى هنا تحصل أ نّه لا يتم شيء من الوجوه والأدلّة المذكورة في المسألة ، وحينئذ ما المانع من الحكم بوجوب بذل الكفن على المسلمين لأمرهم بالتكفين ، فيكون بذل الكفن مقدمة للواجب وهي واجبة عقلاً أو شرعاً . فالصحيح أن يستدل على عدم وجوب بذل الكفن بحديث لا ضرر [1] وذلك لأنّ التكفين الواجب كثيراً ما لا يكون ضررياً على المسلمين ، إمّا لأنّ الميِّت له مال يفي بكفنه ، أو لاشترائه من الزكاة أو من الوقف إذا وجد وقف لشراء الأكفان ، أو من المتبرّع لأ نّهم لا يدفنون الميِّت عارياً على الأكثر .
وقد يكون ضررياً ـ وهو نادر ـ كما إذا لم يكن للميت مال ولا وجدت زكاة ولا وقف ولا متبرّع ، ولا مانع من الحكم بعدم وجوب بذل الكفن وعدم وجوب التكفين بما دلّ على نفي الضرر في الشريعة المقدّسة .
وبهذا يندفع ما ربما يتوهّم من أن حديث لا ضرر لا يجري في المقام ، لأنّ الأحكام الشرعية المبنية على الضرر كالخمس والزكاة أو المستلزمة له كالحج ممّا لا ترتفع بالحديث ، والأمر في المقام كذلك ، والوجه في الاندفاع ما عرفت من أنّ التكفين لم يجعل ضررياً في الشريعة المقدسة ولا أ نّه مستلزم للضرر كثيراً ، لأ نّه كثيراً ما لا يكون ضررياً ، فالنسبة بين الضرر والتكفين نسبة العموم من وجه ومورد اجتماعهما نادر كما تقدّم .
ــــــــــــــــــــــــــــ