فالصحيح أن نستدل على وجوب الغسل بوطء المرأة في دبرها بإطلاق الكتاب والسنّة . أما الكتاب فلقوله تعالى : (أَوْ لمَسْتُمُ النِّساءَ فَلَم تَجِدُوا ماءً ) إلخ[1] لأنّ الملامسة كما تصدق بوطئها في قبلها كذلك تصدق بوطئها في دبرها .
وأمّا ما ورد في تفسير الملامسة بالمواقعة في فرج المرأة أعني صحيحة أبي مريم الأنصاري ، قال "قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : ما تقول في الرجل يتوضأ ثمّ يدعو جاريته فتأخذ بيده حتى ينتهي إلى المسجد ؟ فإنّ من عندنا ـ يعني السنّة ـ يزعمون أ نّها الملامسة ، فقال : لا والله ما بذلك بأس وربّما فعلته وما يعني بهذا ـ أو لامستم النساء ـ إلاّ المواقعة في الفرج" [2] حيث استدلّ بها على أن سبب الجنابة ووجوب الغسل منحصر بالمواقعة في فرج المرأة فلا يكون وطؤها في دبرها موجباً وسبباً للجنابة . ففيه أن الصحيحة لا دلالة لها على عدم وجوب الغسل بالوطء في دبر المرأة ، وذلك لأن الفرج لم يثبت في لغة العرب أنه بمعنى القبل ، بل الصحيح أنه يستعمل في المعنى الجامع بين القبل والدبر ، بل بينهما وبين الذكر كما في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهُمْ حافِظُونَ إلاّ عَلى أَزْوجِهِم )[3] لأنه بمعنى الذكر فقط هذا .
بل قد ورد في بعض الروايات بمعنى خصوص الدبر كما في موثقة سماعة ، قال : "سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يمس ذكره أو فرجه أو أسفل من ذلك وهو قائم يصلّي يعيد وضوءه ؟ فقال : لا بأس بذلك ، إنما هو من جسده" [4] فإن الفرج فيها بمعنى الدبر ، إذ لا قبل للرجل ، والذكر مذكور بنفسه كما هو واضح . وعليه فلفظة الفرج إما أنها بالمعنى الأعم من القبل والدبر أو لا أقل من إجمالها ومعه لا يمكن الاعتماد على الرواية في تقييد الآية المباركة . وأما الأخبار فهي كالرواية المشتملة على أن إتيان الزوجة يوجب انتقاض الصيام ، فإن الإتيان كما يشمل الوطء في القبل كذلك يشمل الإتيان في الدبر ، هذا كله في وطء المرأة في دبرها .
ــــــــــــــــــــــــــــ