ما ذكره الماتن من الحكم بالكراهة ، وذلك لعدم قيام دليل على الكراهة بوجه ، وما استدلّ به عليها من الروايات الآتي نقلها إما ضعيف السند والدلالة معاً أو من إحدى الجهتين .
مضافاً إلى دلالة الرواية الصحيحة على الجواز وعدم الكراهة أو الحرمة وهي صحيحة الحذاء قال : "وضأت أبا جعفر (عليه السلام) بجمع (عرفات) وقد بال ، فناولته ماء فاستنجى ثم صببت عليه كفاً فغسل به وجهه وكفاً غسل به ذراعه الأيمن وكفاً غسل به ذراعه الأيسر ، ثم مسح بفضلة الندى رأسه ورجليه" [1] وهي صريحة الدلالة على جواز تصدي الغير بالمقدمات القريبة في الوضوء .
نعم ، رواها الشيخ (قدس سره) في موضع آخر من التهذيب مشتملة على قوله "ثم أخذ كفّاً" [2] بدل ثم صببت عليه كفّاً ، كما نقله في الوسائل ، وعليه تكون الرواية أجنبية عما نحن بصدده ، إلاّ أن الصحيح هو نسخة الوسائل ولعلّه سقط عن قلم الشيخ اشتباهاً ، وذلك لاشتمال صدرها على قول الحذاء : "وضأت أبا جعفر" فلو كان (عليه السلام) أخذ الماء بنفسه فأين وضاءة الحذاء حينئذ ؟ هذا .
وقد استدل للكراهة بعدة روايات :
منها : رواية حسن الوشاء قال : "دخلت على الرضا (عليه السلام) وبين يديه إبريق يريد أن يتهيأ منه للصلاة ، فدنوت منه لأصب عليه فأبى ذلك ، فقال : مه يا حسن ، فقلت له لِمَ تنهاني أن أصب الماء على يديك تكره أن اُؤجر ؟ قال : تؤجر أنت واُوزر أنا ، فقلت : وكيف ذلك ؟ فقال : أما سمعت الله عزّ وجلّ يقول : (فمن كان يرجو لقاء ربّه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربّه أحداً ) وها أنا ذا أتوضأ للصلاة وهي العبادة فأكره أن يشركني فيها أحد" [3] .
ــــــــــــــــــــــــــــ