وإلى حديث رفع الاضطرار[1] ما دلّ على أنه ما من محرم إلاّ وقد أحله لمن اضطر إليه[2] وحديث لا ضرر ولا ضرار[3] وموثقة أبي بصير قال : "قال أبو عبدالله (عليه السلام) التقيّة من دين الله ؟ قلت من دين الله ؟ قال : إي والله من دين الله ولقد قال يوسف (أيّتها العير إنّكم لسارقون ) والله ما كانوا سرقوا شيئاً ، ولقد قال إبراهيم : (إنِّي سقيم ) والله ما كان سقيماً" [4] حيث إن تطبيقه (عليه السلام) التقيّة التي هي من دين الله على قولي يوسف وإبراهيم (عليهما السلام) دليل قطعي على أن التقيّة التي هي من دين الله سبحانه غير مختصة بالعامة ، بل كل أحد خيف من ضرره وجبت عنه التقيّة أو جازت . وما رواه محمد بن مروان قال : "قال لي أبو عبدالله (عليه السلام) ما منع ميثم (رحمه الله) من التقيّة ؟ فو الله لقد علم أن هذه الآية نزلت في عمار وأصحابه : إلاّ من اُكره وقلبه مطمئن بالايمان" [5] وغير ذلك من الأخبار .
وإنما الكلام في الأحكام الوضعية المترتبة على التقيّة كالحكم بصحة العمل مع التقيّة وإجزائها ، فهل الصحة والإجزاء يترتبان على كل تقيّة أو يختصان بالتقية من العامة بالخصوص ؟
والصحيح أن يقال : إنه إن تمّ هناك شيء من الأدلة اللفظية المستدل بها على سقوط التكاليف الغيرية عند التقيّة ، فلا مناص من الحكم بالصحة والإجزاء في جميع موارد التقيّة ولو كانت من غير العامة ، بمقتضى عموم الأدلة المذكورة كقوله (عليه السلام) "التقيّة في كل شيء يضطر إليه ابن آدم فقد أحله الله" [6] .
وقد ادّعى شيخنا الأنصاري (قدس سره) أن الحلية أعم من الحلية النفسية
ــــــــــــــــــــــــــــ
[1] الوسائل 15 : 369 / أبواب جهاد النفس ب 56 ح 1 ، 3 .