المسح بدعوى حرمة المسح على الخفين وعدم جوازه من باب التقيّة ، وعلى ما ذكرناه لا مانع من المسح على الخفين إذا اقتضت التقيّة ذلك بحسب العمومات والاطلاقات . ولمّا آل الأمر إلى هنا فمن الجدير جداً أن نتعرض إلى أحكام التقيّة على وجه البسط والتفصيل .
بحوث التقيّة
وذلك إنما يتم بالبحث عن جهات :
الجهة الاُولى : أن التقيّة مصدر تقى يتقي ، والاسم التقوى وهي مأخوذة من الوقاية وتاؤها بدل من الواو بمعنى : الصيانة والتحفظ عن الضرر ، ومنه المتقون لأنهم صانوا أنفسهم عن سخط الله سبحانه وعقابه وقد تجيء بمعنى الخوف كما إذا اُسند إلى الله سبحانه كما في قوله تعالى : (واتّقوا الله )[1] .
وهي قد تستعمل ويراد منها المعنى العام وهو التحفظ عما يخاف ضرره ولو في الاُمور التكوينية ، كما إذا اتقى من الداء بشرب الدواء ، واُخرى تستعمل ويراد منها المعنى الخاص وهو التقيّة المصطلح عليها أعني التقيّة من العامة .
أما التقيّة من الله سبحانه فمن الظاهر أنها غير محكومة بحكم شرعاً ، لأن الأمر بها مساوق للأمر باتيان الواجبات وترك المحرمات كالأمر بالطاعة ، ومن الظاهر أنه واجب عقلي ولا حكم له شرعاً .
وأما التقيّة بالمعنى الأعم فهي في الأصل محكومة بالجواز والحلية ، وذلك لقاعدة نفي
الضرر وحديث رفع ما اضطروا إليه [2] وما ورد من أنه ما من محرم إلاّ وقد أحله الله في مورد الاضطرار[3] وغير ذلك مما دلّ على حلية أيّ عمل عند الاضطرار إليه
ــــــــــــــــــــــــــــ