لغيره من الجهات المتقدِّمة في مواردها ، هذا كله في المتنجِّس بالأعيان النجسة . فتلخص أن المرّة الواحدة كافية في ازالتها .
وأما المتنجِّس بالمتنجس بتلك النجاسات فلا مناص من الحكم بكفاية المرّة الواحدة في تطهيره ، لأن المرّة إذا كانت كافية في إزالة نجاسة الأعيان النجسة كانت موجبة لطهارة المتنجِّس بالمتنجس بها بالأولوية القطعية . نعم ، فيما إذا كانت العين مما يعتبر فيه التعدّد كالبول لم يمكن الحكم بكفاية المرّة في المتنجِّس بها مع الواسطة ، لعدم زوال العين إلاّ بالتعدد ، فهل يلتزم فيه بالتعدد أو تكفي فيه المرّة أيضاً ؟
الثاني هو الصحيح ، وذلك لمعتبرة العيص بن القاسم قال : "سألته عن رجل أصابته قطرة من طشت فيه وضوء فقال : إن كان من بول أو قذر فيغسل ما أصابه" [1] لأن إطلاقها يقتضي الحكم بكفاية الغسلة الواحدة في المتنجِّس بالماء المتنجِّس بالبول أو بغيره من النجاسات ، هذا .
وقد يناقش في الاستدلال بالرواية من جهتين إحداهما : الاضمار ، ويدفعه : أن جلالة شأن العيص مانعة عن احتمال رجوعه في الأحكام الشرعية إلى غير الإمام (عليه السلام) فالاضمار في حقه غير مضر . وثانيتهما : الارسال ، ويرد عليه : أنّ ظاهر قول الشهيد [2] أو المحقِّق [3] (قدس سرهما) قال العيص أو روى أو ما هو بمضمونهما أنه إخبار حسي لأنه ينقلها عن نفس الرجل ، وكلما دار أمر الخبر بين أن يكون إخباراً حسياً أو إخباراً حدسياً حمل على الحس على ما بيّناه في محله ، وبما أن الشهيد لم يكن معاصراً للرجل فلا مناص من حمل قوله هذا على أنه وجدها في كتاب قطعي الانتساب إلى العيص ، وحيث إنه ثقة عدل فيعتمد على نقله وروايته فلا إشكال في الرواية بوجه .
فتحصل أن المتنجِّس بالأعيان النجسة والمتنجِّس به يطهر بغسله مرّة واحدة . نعم الاناء المتنجِّس بالبول أو الولوغ أو بغيرهما من الأعيان النجسة لا بدّ فيه من التعدّد
ــــــــــــــــــــــــــــ
[1] الوسائل 1 : 215 / أبواب الماء المضاف ب 9 ح 14 .