وممّا يؤيِّد ذلك ما ورد في بعض الروايات ـ بياناً لكيفية طبخ العصير ـ من قوله (عليه السلام) "ثم تكيله كله فتنظركم الماء ثم تكيل ثلثه" [1] فانّه كالصريح في أن الاعتبار بالكيل والمساحة . نعم لم نستدل بتلك الرواية في الحكم بحرمة العصير بالغليان للمناقشة فيها سنداً ودلالة فليراجع ما ذكرناه في البحث عن نجاسة العصير وحرمته [2] هذا كله في الوجه الأوّل من الوجهين السابقين .
وأمّا ثانيهما : وهو الاستدلال بالأخبار ، فلأنّ الرواية الاُولى منها وإن كانت تامّة دلالة إلاّ أنها مرسلة ، لأنّ الكليني (قدس سره) إنما ينقلها عن بعض أصحابنا [3] فلا يمكن الاعتماد عليها . وأما الرواية الثانية فلأن الوزن فيها إنما ذكر في كلام السائل دون جواب الإمام (عليه السلام) فان كلامه غير مشعر بارادة الوزن أبداً . وقد عرفت أن إطلاق الثلث أو غيره من المقادير في المائعات منصرف إلى الكيل والمساحة . مضافاً إلى ضعف سندها بعقبة بن خالد ومحمد بن عبدالله بناء على أنه محمد بن عبدالله بن هلال كما هو الظاهر . وأما الرواية الثالثة فلأن الدانق معرب "دانك" بالفارسية ، والمراد به سدس الشيء عند الإطلاق ، وهو من أسماء المقادير بالمساحة فلا دلالة لها على إرادة الوزن . على أن سندها ضعيف من وجوه منها : عدم توثيق منصور بن العباس الواقع في سلسلته فليراجع [4] .
وأمّا المقام الثاني : فقد يقال : إن مقتضى استصحاب حرمة العصير أو نجاسته قبل ذهاب الثلثين عنه هو الحكم بحرمته ونجاسته بعد الغليان وذهاب ثلثيه كما ، وذلك للشك في طهارته وحليته بذلك ، ولا مسوغ لرفع اليد عن اليقين بحرمته ونجاسته حتى يقطع بحليته وطهارته ، وهذا إنما يحصل بذهاب الثلثين وزناً .
وفيه : أن الشبهة مفهومية في المقام للشك فيما يراد من الثلث الباقي أو الثلثين
ــــــــــــــــــــــــــــ