على المقدار المتيقن من الأخبار وهي النجاسة الحاصلة من المشي ، وأما المقدار الزائد على ذلك فيرجع فيه إلى عموم أو إطلاق ما دلّ على أن النجاسة يعتبر في إزالتها الغسل بالماء ، لأنه مقتضى القاعدة عند إجمال المخصص لدورانه بين الأقل والأكثر .
ويؤيده ما تقدّم[1] في تفسير قوله (عليه السلام) "إن الأرض يطهّر بعضها بعضاً" من أنّ تعبيره (عليه السلام) عن مطهرية الأرض لباطن النعل والقدم وغيرهما بقوله "إنّ الأرض ..." إنما هو من جهة أن النجاسة كانت ناشئة من الأرض ولأجله صح أن يقال : إن الأرض الطاهرة مطهّرة للأرض القذرة أي للنجاسة الناشئة منها ، ومع كون الأثر وهي النجاسة مستندة إلى غير الأرض لا يصح التعبير المذكور بوجه ، هذا .
وقد يقال بالتعدي إلى النجاسة الحاصلة من الخارج ويستدل عليه بأمرين :
أحدهما : ما ورد في صحيحة زرارة "جرت السنة في أثر الغائط بثلاثة أحجار أن يمسح العجان ولا يغسله ، ويجوز أن يمسح رجليه ولا يغسلهما"[2] فان قوله (عليه السلام) "يجوز أن يمسح رجليه" يدلنا باطلاقه على مطهرية المسح في كل من النجاسة الناشئة من الأرض والنجاسة الناشئة من غيرها .
ويدفعه أوّلاً : أن من المحتمل القوي أن يكون قوله : "ويجوز أن يمسح رجليه" ناظراً إلى المسح في الوضوء لنفي ما يزعمه أهل الخلاف من اعتبار غسل الرجلين فيه ، ومن هنا قال : "ويجوز أن يمسح ..." مع أن مسحهما من الشرائط المعتبرة في الوضوء فهو أمر لازم لا جائز ، وعليه فالرواية أجنبية عما نحن بصدده .
وثانياً : أن الرواية لو سلم كونها ناظرة إلى مطهرية المسح ، فلا شك في أنها ليست بصدد البيان ، للقطع بعدم كون المسح مطهراً مطلقاً كالمسح بالخرقة أو الخشب ونحوهما ، فلا إطلاق للرواية حتى يدل على مطهرية الأرض من النجاسة الحاصلة من الخارج .
ــــــــــــــــــــــــــــ