واستدلّ للجواز بوجهين .
أدلة القول بجواز العدول
أحدهما : الاطلاقات ، لأن ما دلّ على حجية فتوى المجتهد وجواز الأخذ بها غير مقيد بما إذا لم يرجع إلى غيره ، فمقتضى الاطلاق حجية فتوى المجتهد وإن أخذ العامّي بفتوى غيره ، هذا .
وفيه : أ نّا قد تعرضنا لحال التمسك بالاطلاق في التكلم على التعادل والترجيح [1] وبيّنا أن الاطلاق غير شامل للمتعارضين لأنه يستلزم الجمع بين المتنافيين ، ولا أنه يشمل أحدهما المعيّن دون الآخر لأنه بلا مرجح ، ولا لأحدهما غير المعين لما سيأتي من أن الحجية التخييرية مما لا يمكن المساعدة عليه [2] .
وثانيهما : الاستصحاب ، وذلك لأن المكلف قبل الأخذ بفتوى أحدهما كان مخيّراً بين الأخذ بهذا أو بذاك ، لفرض أن المجتهدين متساويان وفتوى كل منهما واجدة لشرائط الحجية ، فإذا رجع إلى أحدهما وشككنا لأجله في أن فتوى الآخر باقية على حجيتها التخييرية أو أنها ساقطة عن الاعتبار ، حكمنا ببقاء حجيتها التخييرية بالاستصحاب ، ومقتضى ذلك أن المكلف مخيّر بين البقاء على تقليد المجتهد الأول والعدول إلى المجتهد الّذي يريد العدول إليه .
وهذا الاستدلال يمكن المناقشة فيه من جهات :
الجهة الاُولى : أن الاستصحاب ، على ما بيّناه في محله [3] يعتبر في جريانه إتحاد القضية المتيقنة والمشكوك فيها ، ولا يتحقق هذا إلاّ ببقاء الموضوع فيه ، ولم يحرز بقاؤه في المقام ، وذلك لأن الحكم بالتخيير إن قلنا إن موضوعه من لم يقم عنده حجة فعلية فلا شبهة في أن ذلك يرتفع بالأخذ بإحدى الفتويين لأنها صارت حجة فعلية
ــــــــــــــــــــــــــــ