الأخير فلا يشترط في المقلّد زائداً على العدالة شيء آخر .
نعم ، لا بدّ أن تكون العدالة في المرجع واقعية، ويلزم أن يكون مستقيماً في جادة الشرع مع المحافظة التامة والمراقبة عليه مراقبة شديدة ، لأنه مخطرة عظيمة ومزلّة الأقدام ومن الله سبحانه الاعتصام .
تنبيهات
التنبيه الأول : أن الشرائط المعتبرة في المرجع للتقليد من الاجتهاد والأعلمية والايمان وغيرها هل تعتبر في حجية فتاواه حدوثاً فحسب ولا تعتبر فيها بحسب البقاء ، فلو تبدلت بعد تحققها إلى ما يضادها أو يناقضها لم يكن مانع من البقاء على تقليده كما هو الحال في شرطية الحياة لأنها إنما تعتبر في المجتهد حدوثاً ، ومن هنا لو مات جاز ، بل وجب البقاء على تقليده في بعض الصور ، أو أنها معتبرة حدوثاً وبقاءً بحيث لو تبدل علمه بالجهل أو عدالته بالفسق وهكذا ، لم يجز البقاء على تقليده ؟
والوجه في هذا التردد أنّا نحتمل أن تكون الفتوى كالرواية ، فكما أن الراوي إذا كان عادلاً أو مورداً للوثوق حين روايته كفى ذلك في حجية رواياته ولا يضرها صيرورته فاسقاً أو مرتداً بعد ذلك ، نحتمل أن تكون حجية الفتوى أيضاً كذلك . وقد سبق أن تكلمنا على ذلك في بعض الشروط ولم نتكلم عليه في بعضها الآخر . وتفصيل الكلام في هذه المسألة يقع في جهات :
الاُولى : فيما يقتضيه الأصل العملي في المسألة ، وأنه هل يقتضي اعتبار الشروط المذكورة بحسب الحدوث والبقاء أو يقتضي اعتبارها حدوثاً فقط ؟
الثانية : فيما تقتضيه الأدلة الاجتهادية في نفسها .
الثالثة : فيما تقتضيه الأدلة بلحاظ القرينة الخارجية .
أما الجهة الاُولى : فقد يقال : إن مقتضى استصحاب الحجية الثابتة لفتوى المجتهد بحسب الحدوث ، جواز البقاء على تقليده بعد تبدل الشرائط المذكورة إلى ما يضادها أو يناقضها ، للقطع بحجيتها حال استجماعه الشرائط ، فإذا ارتفعت وزالت وشككنا في بقائها على حجيتها وعدمه استصحبنا بقاءها على حجيتها .