الموالاة بين الإيجاب و القبول: أنّ بفعل الموجب قد تحقّق تمام حقيقة العقد، و هو الاعتبار الإنشائي، و القبول إنّما هو لإظهار رضا القابل بما فعله الموجب؛ من نقل ملكه إليه بما يقابله من ملك القابل (في البيع مثلًا)، فالقبول غير دخيل في حقيقة المعاملة و العقد، بل إنّما هو دخيل في الاعتبار الحقيقي؛ بمعنى أنّه موضوع لذلك [1]، بل رضا الموجب أيضاً كذلك، فرضا المالكين سواء كانا متعاقدين أو غيرهما خارج عن حقيقة العقد، و هو الإيجاد الإنشائي. نعم، لا بدّ في اعتبار الشرع و العقلاء لحصول الأثر من أُمور ثلاثة: العقد و هو الإيجاد الإنشائي، و ظهور رضا المالكين. و في عقد الأصيلين كالمالكين حصل العقد، و ظهر رضا الموجب بفعل واحد، و هو الإيجاب، و ظهر رضا القابل بقبوله، فوِزان القبول في معاملة الأصيلين وِزان الإجازة في العقد الفضولي، فإنّها أيضاً لإظهار رضا المالك.
فعلى ذلك، البحث عن صحّة البيع الفضولي و بطلانه، بعينه هو البحث عن اعتبار التوالي بين الإيجاب و القبول و عدمه، فلو قلنا بعدم الاعتبار في ذلك؛ لعدم دخل القبول في حقيقة المعاملة، و عدم دليل على اعتبار مقارنته بالعقد في حصول الاعتبار الحقيقي، بل الدليل قائم على خلافه، فلا بدّ لنا من الحكم بالصحّة في البيع الفضولي أيضاً لوجود العقد، و هو الاعتبار الإنشائي، و الرضا المتأخّر من قبيل القبول المتأخّر، بل هو بعينه حتّى في ظرف الموجب، فإنّ إظهاره الرضا بالعقد هو قبوله العقد كقبول المشتري.
و بعبارة اخرى: العقد متقوّم بأمر واحد، و هو الإنشاء، و اعتبار ذلك بنظر العقلاء و الشرع موقوف على قبول المالكين ذلك العقد، فنحتاج في اعتبار العقد إلى قبولين، غاية الأمر يحصل قبول المالك الموجب الأصيل و إنشاء العقد بأمر واحد، و هو الإيجاب، فلو قلنا بعدم اعتبار توالي القبول مع الإيجاب كما قلنا لصحّ بيع