الصد بالعدو و الإحصار بالمرض لا
غير و اختلاف الأحكام بين المحصور و المصدود صار سببا لاختلاف التعريف.
و يمكن القول بالترادف بينهما، لان الحصر لغة مطلق الضيق و الحبس، عن
السفر و غيره و الصد المنع كما في القاموس و الصحاح، بل في المدارك هو قول أكثر
الجمهور بل فيها أيضا أنه نقل النيشابوري و غيره اتفاق المفسرين على نزول قوله
تعالى فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ[1] في حصر الحديبية.
و يمكن أن يكون اختصاص الحصر بالمرض و هو خيرة الشرائع، و عن صاحب
الجواهر: هو المعروف بين الفقهاء و في المسالك اختصاص الحصر بالمرض هو الذي استقر
عليه رأي أصحابنا و وردت به نصوصهم. روى الصدوق قدس سره بإسناده عن معاوية بن عمار
في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: المحصور غير المصدود، و قال:
المحصور هو المريض، و المصدود هو الذي يرده المشركون كما ردوا رسول الله صلى الله
عليه و آله و هو غير مريض، و المصدود تحل له النساء، و المحصور لا تحل له النساء[2] و إلى ذلك أشار قوله تعالى فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ[3] ربما حكي عن ثغلب أيضا و إذا كان كذلك يمكن استظهار معنى الصد من
دليل آخر من الرواية و غيرها.
و أما وجوب إتمام الحج لقوله تعالى
وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ[4] إلا لعذر شرعي كالمحصور و المصدود إن قلنا بالترادف، فهو بعد مرخص
من كل شيء إلا النساء لقوله تعالى فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ
فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ
الْهَدْيُ مَحِلَّهُ[5] إذ بعد المنع يبعث بهديه و إذا بلغ الهدي محله يقصر و يحل من كل
شيء إلا النساء. و إن قلنا بالتغاير، فالعذر تارة شرعي كالمحصور فهو كما قلناه و
أخرى عقلي، فكالمصدود، فهو يفعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه و آله يوم
الحديبية من إحلاله عن كل شيء حتى النساء و الذبح في مكان الصد.
و كيف كان فالمحصور و المصدود يشتركان في ثبوت أصل التحلل في الجملة،
و يفترقان في أمور:
الأول:
عموم تحلل المصدود بمحلله لكل ما حرم عليه بالإحرام حتى النساء بخلاف
المحصر الذي يحل له ما عدا النساء المتوقف حلهن له على طوافهن. الثاني:
الإجماع على اشتراط الهدي في المحصور بخلاف المصدود، فإن فيه خلافا
فبعض يحكم باللزوم، و بعض بالعدم.
الثالث:
تعين تحلل المصدود بمحلله في مكانه بخلاف المحصور الذي هو بالمواعدة
التي قد تتخلف.
الرابع:
افتقار المحصور إلى الحلق أو التقصير مع الهدي بخلاف المصدود، فان
فيه قولين، فبعض يحكم بالوجوب