ويقول الإمام الراحل في نداء له في هذا المضمار إلى مراجع الشيعة وعموم العلماء: «على المجتهد أن يكون مُلمّاً بمسائل عصره محطياً بها، فلم يعدّ بمستساغ للشباب والناس عموماً أن يقول مرجعهم ومجتهدهم: إنّني لا ابدي رأياً في قضايا السياسة، فالتعرف على اسلوب التعامل في مواجهة الألاعيب والدسائس السائدة في الثقافة العالميّة، وعمق الرؤية الاقتصاديّة، وكيفيّة التعامل مع النظام الاقتصادي العالمي، والتعمّق في السياسة وحتّى معرفة السياسيّين والساسة، والمعادلات الحاكمة، وتفهّم نقاط القوّة والضعف لدى القطبين الرأسمالي والشيوعي، ودرك دورهما الاستراتيجي في إدارة العالم؛ إنّ كلّ هذا هو من خصائص المجتهد الجامع للشرائط.
كما ينبغي على المجتهد أن يتحلّى بالفطنة والذكاء والفراسة، وهو يتصدّى لتوجيه المجتمع الإسلامي الكبير بل والمجتمع العالمي بأسره.
فإضافة إلى الإخلاص والتقوى والزهد الذي هو من شأن المجتهد، فإنّ عليه أن يكون مديراً ومدبّراً حقيقيّاً.
فالحكومة في رأي المجتهد الحقيقي هي الفلسفة العملية لمجموع الفقه في نواحي الحياة البشرية. ذلك أنّ الحكومة هي التطبيق العملي الذي يجسّد موقف الفقه تجاه المشكلات الإجتماعيّة، والسياسيّة، والعسكريّة، والثقافيّة. ولأنّ الفقه هو النظريّة الواقعيّة الحقيقيّة الكاملة والشاملة لإدارة الإنسان والمجتمع من المهد إلى اللحد» [1]