وَ لَمَّا قَضى نَحْبَهُ[1]، وَ قَتَلَهُ أَشْقَى الْآخِرِينَ يَتْبَعُ أَشْقَى الْأَوَّلِينَ، لَمْ يُمْتَثَلْ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ[2] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي الْهادِينَ بَعْدَ الْهادِينَ، وَ الأُمَّةُ مُصِرَّةٌ عَلى مَقْتِهِ، مُجْتَمِعَةٌ عَلى قَطِيعَةِ رَحِمِهِ وَ إِقْصاءِ وَلَدِهِ، إِلَّا الْقَلِيلُ مِمَّنْ وَفى لِرِعايَةِ الْحَقِّ فِيهِمْ.
فَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ، وَ سُبِيَ مَنْ سُبِيَ، وَ اقْصِيَ مَنْ اقْصِيَ، وَ جَرَى الْقَضاءُ لَهُمْ بِما يُرْجى لَهُ حُسْنُ الْمَثُوبَةِ، إِذْ كانَتِ الْأَرْضُ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، وَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا، وَ لَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.
فَعَلى الْأَطائِبِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِما وَ آلِهِما، فَلْيَبْكِ الْباكُونَ، وَ إِيَّاهُمْ فَلْيَنْدُبِ النَّادِبُونَ، وَ لِمِثْلِهِمْ فَلْتذْرفِ[3] الدُّمُوعُ، وَ لْيَصْرُخِ الصَّارِخُونَ، وَ يَضِجَّ الضَّاجُّونَ، وَ يَعِجَ[4] الْعاجُّونَ.
أَيْنَ الْحَسَنُ، أَيْنَ الْحُسَيْنُ، أَيْنَ أَبْناءُ الْحُسَيْنِ، صالِحٌ بَعْدَ صالِحٍ، وَ صادِقٌ بَعْدَ صادِقٍ، أَيْنَ السَّبِيلُ بَعْدَ السَّبِيلِ، أَيْنَ الْخِيَرَةُ بَعْدَ الْخِيَرَةِ، أَيْنَ الشُّمُوسُ الطَّالِعَةُ، أَيْنَ الْأَقْمارُ الْمُنِيرَةُ، أَيْنَ الْأَنْجُمُ الزَّاهِرَةُ، أَيْنَ أَعْلامُ الدِّينِ وَ قَواعِدُ الْعِلْمِ.
أَيْنَ بَقِيَّةُ اللَّهِ الَّتِي لا تَخْلُو مِنَ الْعِتْرَةِ الطَّاهِرَةِ[5]، أَيْنَ الْمُعَدُّ لِقَطْعِ دابِرِ الظَّلَمَةِ، أَيْنَ الْمُنْتَظَرُ لإقامَةِ الْأَمْتِ[6] وَ الْعِوَجِ، أَيْنَ الْمُرْتَجى لِازالَةِ الْجَوْرِ وَ الْعُدْوانِ، أَيْنَ الْمُدَّخَرُ لِتَجْدِيدِ الْفَرائِضِ وَ السُّنَنِ، أَيْنَ الْمُتَخَيَّرُ[7] لإِعادَةِ الْمِلَّةِ