فيه مع عمه أبي طالب- أشياء، فأرادوه، فردهم عنه بحيرا [1]، و ذكرهم اللّه عز و جل، و ما يجدون في الكتاب من ذكره و صفته، أنهم إن أجمعوا لما أرادوا لم يخلصوا إليه، حتى عرفوا ما قال لهم، و صدقوه بما قال، فتركوه و انصرفوا، فقال أبو طالب في ذلك من الشعر، يذكر مسيره برسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم) و ما أرادوا منه- أولئك النفر [2]- و ما قال لهم فيه بحيرا:
إن ابن آمنة النبي محمدا* * * عندي بمثل منازل الأولاد
لما تعلق بالزمام رحمته* * * و العيس قد قلّصن [3]بالأزواد
فارفض من عيني دمع ذارف* * * مثل الجمان مفرّق الأفراد
راعيت فيه قرابة موصولة* * * و حفظت فيه وصية الأجداد
و أمرته بالسير بين عمومة* * * بيض الوجوه مصالت أنجاد
حتى إذا ما القوم بصرى عاينوا* * * لاقوا على شرك من المرصاد
حبرا فأخبرهم حديثا صادقا* * * عنه و ردّ معاشر الحسّاد
قوما يهودا قد رأوا ما قد رأى* * * ظل الغمام و عزّ ذي الأكياد
ساروا لقتل محمد فنهاهم* * * عنه و أجهد أحسن الاجهاد
[1] أورد السهيلي في الروض: 1/ 205 خلاصة المادة الاخبارية العربية حول شخصية بحيرا الراهب، هذا و تحوي مدينة بصرى بين خرائبها بقايا كنيسة كبيرة يعتقد الأهلون انها بقايا كنيسة بحيرا، كل هذا في حين ان غالبية علماء السيرة لهذا العصر ينفون وجود شخصية بحيرا تاريخيا، و يرون ان الاخبار حولها مخترعة، املاها مجاراة ما جاء في سير حياة الأنبياء الكتابيين و غيرهم من نبوءات و بشائر.
[2] لعل عبارة اولئك النفر كانت في الاصل حاشية شارحة ثم ادمجت من قبل الرواة و النساخ في المتن، و مثل هذا يكثر وقوعه في كتب الاخبار و الأدب و لعله المسئول عن تفاوت نصوص نسخ الأصول الواحدة، كما يبدو أنه سبب تضخم المادة الاخبارية المتأخرة حول حوادث وردت في المصادر القديمة مختصرة.