قط راهب إليه يصير علمهم عن كتاب فيهم [1] فيما يزعمون يتوارثونه كابرا عن كابر، فلما نزلوا ذلك العام ببحيرا و كانوا كثيرا مما يمرون به قبل ذلك لا يكلمهم و لا يعرض لهم، حتى إذا كان ذلك العام نزلوا به قريبا من صومعته، فصنع لهم طعاما كثيرا، و ذلك- فيما يزعمون- عن شيء رآه و هو في صومعته في الركب، حين أقبلوا و غماما تظله من بين القوم، ثم أقبلوا حتى نزلوا بظل شجرة قريبا منه، فنظر إلى الغمامة حتى أظلت الشجرة، و تهصرت [2] أغصان الشجرة على رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم) حتى [3] استظل تحتها، فلما رأى ذلك بحيرا نزل من صومعته و قد أمر بذلك الطعام فصنع، ثم أرسل إليهم فقال: إني قد صنعت لكم طعاما يا معشر قريش، و أنا أحب أن تحضروا كلكم صغيركم و كبيركم، و حرّكم و عبدكم، فقال له رجل منهم: يا بحيرا إن لك اليوم لشأنا ما كنت تصنع هذا فيما مضى، و قد كنا نمر بك كثيرا فما [2] شأنك اليوم؟ فقال له بحيرا: صدقت قد كان ما تقول، و لكنكم ضيف، و قد أحببت أن أكرمكم و أصنع لكم طعاما تأكلون منه كلكم صغيركم [و كبيركم] [4]، فاجتمعوا إليه، و تخلف رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم) من بين القوم- لحداثة سنه- في رحال القوم تحت الشجرة، فلما نظر بحيرا في القوم لم ير الصفة التي يعرف و يجد عنده، قال: يا معشر قريش لا يتخلف أحد منكم عن طعامي هذا، قالوا له:
يا بحيرا ما تخلف عنك أحد ينبغي له أن يأتيك إلّا غلام هو أحدث القوم سنا، تخلف في رحالهم، قال: فلا تفعلوا ادعوه فليحضر هذا الطعام معكم، فقال رجل مع القوم من قريش: و اللات و العزّى إن هذا للؤم بنا، يتخلف