حدثنا أحمد بن عبد الجبار: نا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال:
لما فعل تبع ما فعل، غضبت ملوك حمير، و قالوا: ما كان يرضى أن يطيل غزونا، و يبعدنا في المسير من أهلينا حتى طعن أيضا في ديننا و عاب آباءنا، فاجتمعوا على أن يقتلوه، و يستخلفوا أخاه من بعده، فاجتمع رأي الملوك على ذلك كلهم إلا ذا غمدان فإنه أبى أن يماليهم على ذلك، فثاروا به، فأخذوه ليقتلوه فقال لهم: أ تراكم قاتلي؟ قالوا: نعم، قال: أما أنا فإذا قتلتموني فادفنوني قائما، فإنه لن يزال لكم ملك قائم ما دمت قائما، فلما قتلوه، قالوا:
و اللّه لا يملكنا حيا و ميتا، فنكسوه على رأسه، فقال في ذلك ذو غمدان، في الذي كان من أمره:
إن تك حمير غدرت و خانت* * * فمعذرة الإله لذي رعين
ألا من يشتري سهرا بنوم* * * سعيد من يبيت قرير عين
و قال في ذلك عبد كلال بعد قتل أخيه و استخلافهم إياه حين قتل وجوه حمير:
شفيت النفس ممن كان أمسى* * * قرير العين قد قتلوا كريمي
فلما ان فعلت أصاب قلبي* * * بما قد جئت من قتل رغيم
أشاروا لي بقتل أخ كريم* * * و ليس لذي الضرائب باللئيم
فعدت كأن قلبي في جناح* * * بعيش ليس يرجع في نعيم
و عاد القلب كالمجنون ينمي* * * إلى الغايات ليس بذي حميم
فلما أن قتلت به كراما* * * و صاروا كلهم كالمستليم
رجعت إلى الذي قد كان مني* * * كأن القلب ليس بذي كلوم